الكمال كل الكمال التفقّه في الدين

بسم الله الرحمن الرحيم
إِن التفقّه في الدين طريق لعبادته تعالى، وبه الاحتفاظ بنظام الشريعة الاسلاميّة وقوانينها، بل الدين الاسلامي إِنما يقوم ويدوم بفقهاء شريعته العالمين بأحكامه المناضلين عنه، ومن هنا جاء عن الصادق عليه السلام قال :

«العامل على غير بصيرة كالسائر على السراب بقيعة لا يزيده سرعة سيره إِلا بُعداً» وقال : «لا خير فيمن لا يتفقّه من أصحابنا» (1) وقال عليه السلام : «اذا أراد اللّه بعبد خيراً فقّهه في الدين» وقال : «الكمال كلّ الكمال : التفقّه في الدين …(2).

🔸من منطلقة هذه الروايات الشريفة ومن خلال المسائل الفقهية التي وجهت لنا من بعض المؤمنين في هذه الأيام فقد إخترنا للمؤمنين مسألة (أحكام القراءة) لأهميتها ولكونها مسألة ابتلائية لدى جميع المكلفين وعليها تترتب صحة كثير من العبادات ومن أهمها(الصلاة -قراءة القرآن الكريم -الدعاء)

1-هل تصوير الكلمات في النفس من دون تحريك اللسان والشفتين تعتبر قراءة صحيحة؟.

2-هل تحريك اللسان والشفتين من غير إخراج صوت عن مخرجه المعتادة يعتبر قراءة صحيحة؟

قبل البدء في الإجابة الفتوائيه.

1-نتشرف أولا بالجنبة الروائية بذكر رواية واحده وبها تمام المطلب.

فقد سئل الإمام الصادق عليه السلام عن: القراءة عن ظهر قلب، أو بالنظر في المصحف، أيهما أفضل ؟ فقال: “بل أقرأ وأنظر في المصحف فهو أفضل أما علمت أن النظر في المصحف عبادة”. وفي نص آخر “من قرأ القرآن في المصحف مُتِّعَ ببصره وخُفّفَ عن والديه، وإن كانا كافرَين”.

الرواية الشريفة واضحة الدالالة في بيان الفرق بين القراءة والنظر للمصحف الشريف.
2-الجنبة الفتوائية.

مسألة 620 من منهاج والدنا السيد السيستاني دامت بركاته : يعتبر في القراءة وغيرها من الأذكار والأدعية صدق التكلم بها عرفاً، والتكلم هو الصوت المعتمد على مخارج الفم الملازم لسماع المتكلم همهمته ولو تقديراً، فلا يكفي فيه مجرد تصوير الكلمات في النفس من دون تحريك اللسان والشفتين أو مع تحريكهما من غير خروج الصوت عن مخارجه المعتادة، نعم لا يعتبر فيه أن يسمع المتكلم نفسه ــ ولو تقديراً ــ ما يتلفظ به من الكلمات متميزة بعضها عن بعض، وإن كان يستحب للمصلي أن يسمع نفسه تحقيقاً ولو برفع موانعه، فلا يصلي في مهب الريح الشديد أو في الضوضاء، وأما اتصاف التكلم بالجهر والإخفات فالمناط فيه أيضا الصدق العرفي لا سماع من بجانبه وعدمه ولا ظهور جوهر الصوت وعدمه، فلا يصدق الإخفات على ما يشبه كلام المبحوح وإن كان لا يظهر جوهر الصوت فيه، ولا يجوز الإفراط في الجهر ــ كالصياح ــ في القراءة حال الصلاة.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم الكمال في الدين بالتفقه في أحكامه .

ببركة الصلاة على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

(1) بحار الأنوار : 1/221/61.
(2) الكافي، باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء.


error: المحتوي محمي