كم هو جميل أن يأتيك اتصال من أحد رفقائك أو ممن كانت له فرصة في التعامل مع أحد أبنائك ويثني على حسن الخلق والتعامل الذي لمسه من ابنك أثناء غيابك ويشعرك بأنك أحسنت التربية وأديت الأمانه.
من هنا ندرك تمامًا ونؤكد على تلك المسؤولية الملقاة على عاتقنا، فتربيتنا إلى أولادنا ورعايتهم وتعليمهم، من الواجبات المهمة والملتزمين بها، فلا هناك عمل نافع أعظم من أننا نلتزم ونحرص على تربية أبنائنا وبناتنا وننشئهم النشأة الصحيحة والسليمة.
فمن أهم الأمور التي ينبغي أن نغرسها في قلوب “فلذات أكبادنا” ونغذيهم بها، المودة وحسن الخلق مع الناس، فالجانب الطيب والجميل يلامس النفوس ويريح الخواطر كما أنه يكسب ثقة الآخر ويعكس الصفات الحميدة التي ينبغي أن يتميز بها الإنسان، كونه “إنسانًا” مهما كانت ديانته أو معتقده وبشرته أو غناه وفقره.
ولكون أننا بشر والجميع منا خاضع للتأثر والتأثير، فإن طريقة تعامل الآخرين معنا هي انعكاس كامل لتعاملنا معهم، لذا علينا وهو من الواجب الملزم، عند الإحساس بعدم رضا من حولنا، لا بد أن نتوقف ونراجع أنفسنا إن كان هناك خلل في أسلوب معاملتنا معهم، ونحاول جاهدين وبأسرع وقت ممكن إصلاح ذلك الخطأ، حتى نكسب محبتهم واحترامهم لنا، كما يجب علينا أن نفتح قلوبنا ونتجاوز عن أخطاء الآخرين، حتى تسمو مشاعرنا وتقترب، لتقدم كل تعاطف وتسامح، ونبتعد عن كل ما يؤذي وينغص على الآخرين.
حرصت الأديان السماوية جميعها على تنشئة الأبناء ورعايتهم رعاية شاملة تقوم على الصلاح وحسن التربية وتؤسس مجتمعًا فاعلًا متكافلًا يقوى على البناء وصناعة الكيان القويم المتماسك، هذا ما تم إيضاحه في العديد من المحاضرات والدروس، وقد تحدث وكتب العديد من الكتاب والمفكرين عنه، واصفاً البعض منهم، بأن محبتنا للناس وحبهم لنا -كنز يغذي الصحة النفسية والراحة والطمأنينة والسعادة، مؤكدين في نفس الوقت أن حب الناس بعضهم البعض هو من طيبة القلوب وصفاء سريرتها، أساسها الإيمان والإخلاص والرضا، وأن حسن الخلق في الإسلام له من الدرجات الرفيعة والأجر الكبير ولنا في رسول الله نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم قدوة، فقد أنزل الله الآية الكريمة في نبيه ورسوله قوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم}.
حسن الخلق والتعامل مع الآخر نعَمة من نعم الله علينا وأساسها التربية السليمة، ولا ننسى قول سيدنا ومولانا أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، الناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، فهذه نعمة كبيرة إذا غُرست في نفوس أبنائنا وتوارثها الأجيال جيلًا بعد جيل .