لهجتنا الجميلة

البعض يستشكل على بعض أهل المنطقة استخدامهم بعض الكلمات في لهجاتهم المحلية، وقبل الولوج في الموضوع، يجب أن نعرف اللهجة واللغة.

اللهجة: اللهجة لغة، اللسان أو طرفة، أو جرس الكلام، أو هي اللغة التي جبل عليها الإنسان فاعتادها ونشأ عليها.

واصطلاحًا: طائفة من المميزات اللغوية ذات نظام صوتي خاص تنتمي إلى بيئة خاصة، ويشترك في هذه المميزات جميع أفراد تلك البيئة.

العلاقة بين اللغة واللهجة: إنما هي صلة الخاص بالعام، ذلك أن اللغة تشتمل عادة على عدة لهجات، لكل واحدة منها خصائصها النابعة من تأثيرات البيئة، غير أن جميع اللهجات تشترك في مجموعة من الصفات اللغوية والعادات الكلامية التي تؤلف لغة مستقلة عن غيرها من اللغات، وتيسر التفاهم بين أبناء هذه اللهجات.

تُعرفُ اللغةُ العربية لغةً بأنّها المصطلحاتُ والمرادفاتُ التي دوّنها العلماءُ في المعاجم. أمّا اصطلاحًا فهي إحدى لغاتِ العالم السامية والمنتشرة على نطاق واسعٍ حول العالم، حيث إنّ هناك 422 مليون نسمة من متحدّثيها، ويتركزون بشكل كبير في الوطن العربي، وبعض المناطق المجاورة، مثل: تركيا، والأحواز، والسنغال، وتشاد، وإثيوبيا، وإيران، وجنوب السودان، وغيرها من المناطق.

سوف أرجع إلى صلب الموضوع، وهو من أين استخدم أبناء القطيف بعض الكلمات الدارجة بينهم مأخوذة من لهجة بني تميم، لأن منطقتها وعيشهم في وسط الجزيرة العربية المنعزلة، تقريبًا عن المؤثرات اللغوية الخارجية جعلتها تحتفظ بخصائص لغوية قديمة، يزاد على ذلك أن ما يسمى في علم اللغة بـ(الطبقات التحتية Substrata) لم يكن له وجود بسبب من هذه العزلة اللغوية.

ومنها على سبيل المثال لا الحصر، قلب الجيم ياء، مثل قولهم في شجرة: شيرة كما قاس ابن سيده على ذلك يار في جار. وأكبر ظني أن قلب الجيم ياء كان قلبًا خاصاً للأسباب الآتية:

الجيم فيهما كانت مجاورة لصوت شجري هو الشين في شجرة والياء في صهريج.

أن ما حدث في شجرة هو تسكين الجيم، كما هي عادة التميميين في التخفيف.

أما ما حدث في صهريج فقد اجتمعت الياء والجيم في آخر الكلمة، ويبدو أن القبائل العربية البدوية ومنها تميم كانت لا تضغط على آخر الكلم.

إذ التقى صوتان من حيز واحد.

وفي القراءات القرآنية ولهجة تميم: كانت القراءات مصدرًا أصيلًا من مصادر دراسة اللهجات العربية القديمة، ذلك أنها تكاد تكون المرآة العاكسة لما كان عليه الواقع اللغوي في الجزيرة العربية قبيل الإسلام وبعيدة، غير أن الصعوبة الرئيسة في طبيعة هذه القراءات أنها لا تمثل بيئات أصحابها، والدليل على ذلك أن قارئًا مكيًا مثل ابن كثير كان يهمز في حين أن لهجة أهل مكة لا تعرف الهمز ثم بالغ في همزه فقرأ “وكشفت عن سأقيها” في ساقيها. ولعل تفسير ذلك أن القراءات إنما أخذت بالتواتر عن شيوخ ينتمون إلى بيئات أخرى، أو أن القارئ كان يختار قراءاته من بين قراءات شيوخه فلا يمثل إذ ذاك بيئة بعينها.

ومنهم عبدالله بن مسعود عرض القرآن على النبي (ص) وإليه تنتهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي والأعمش. ومن قراءاته على لهجة تميم:

أ- (وثومها) وهي في لهجة أهل الحجاز (فومها).

ب- (رُبيّون) بضم الراء، وهي لغة تميم. وغيرها مما لا يتسع المقام لذكرها. والأصوات الصامتة في لهجة تميم: الأصوات الحلقية، وتحقيق الهمزة، والعنعنة، والكشكشة، والادغام، والمخالفة. وقبل الحكم على قوم من الأقوام في لهجتهم أو نطقهم لبعض الكلمات الاطلاع على اللهجات الأخرى.


المصادر:
1- الاشباه والنظائر في النحو لجلال الدين السيوطي.
2- أصوات اللغة لعبد الرحمن أيوب.
3- بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب، لمحمود شكري الألوسي.
4- التطور اللغوي التاريخي، الدكتور إبراهيم السامرائي.
5- التطور النحوي، ج. برجستر اسر.
6- الجيم، لأبي عمرو الشيباني.
7- الحجة في علل القراءات، لأبي علي الفاسي.
8- لهجة قبيلة تميم وأثرها في الجزيرة العربية، غالب المطلبي.



error: المحتوي محمي