في أحكام صلاة الرجل والمرأة متحاذيين في مكان واحد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِبِيْنَ الطَاهِرِيْن
صلاة الرجل والمراة متحاذيين في مكان واحد
نظرا لأهمية بيان هذه المسألة ولكونها من المسائل الأبتلائية لدى كثيرا من المؤمنين ونظرا لكونها محل خلاف بين الفقهاء.
فعليه سوف أتعرض لها على منهجية البحث الاستدلالي لتعم الإفادة
مسألة:-
اذا اراد الرجل والمراة الصلاة في مكان واحد وفي زمان واحد فهل يجب ان يتقدم الرجل في موقفه على المراة ام يجوز ان يكونا متحاذيين او تكون هي متقدمة عليه ؟ فاذا دخل الرجل الى مكان للصلاة وكانت فيه امراة تصلي فهل يجب عليه ان يتقدم عليها لتصح صلاته ام يجوز ان يصلي خلفها او الى جانبها ؟ وكذا لو دخلت المراة لتصلي فهل يجب عليها ان تتاخر عن الرجل ام يجوز ان تقف امامه او الى جانبه ؟
الجواب :-
وتفصيل الإجابة تكون في جنبتين:
الجنبة الروائية:-
10 ـ باب استحباب صلاة الرجل أولاً ثم المرأة إذا اجتمعا بغير حائل ، ولم يمكن التباعد

[6125] 1 ـ محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان وفضالة ، عن العلاء ، عن محمد ، عن أحدهما ، قال : سألته عن المرأة تزامل الرجل في المحمل يصليان جميعاً ؟ فقال : لا ، ولكن يصلي الرجل فإذا فرغ صلت المرأة.
ورواه الكليني كما سبق (1).
____________
(1) في هامش الاصل : في موضع آخر ( امرأة ).
(2) في المصدر زيادة : صلاتها.
(3) مثل الأحاديث التي تقدمت في رقم 1 و3 و4 و5 و7 و8 و11 و12 و13 من الباب 5 من هذه الأبواب.

الباب 10
فيه حديثان

1 ـ التهذيب 2 : 231|907
(1) كما سبق في الحديث 2 من الباب 5 من هذه الأبواب.
( 132 )

[6126] 2 ـ وبإسناده عن موسى بن القاسم ، عن علي ، عن درست ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن الرجل والمرأة يصليان معاً في المحمل ؟ قال : لا ، ولكن يصلي الرجل وتصلي المرأة بعده .
جعفر ( عليه السلام ) في المرأة تصلي عند الرجل ، قال : إذا كان بينهما حاجز فلا بأس.
[6122] 3 ـ محمد بن إدريس في آخر ( السرائر ) نقلاً من نوادر أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن المفضل ، عن محمد الحلبي قال : سألته ـ يعني أبا عبدالله ـ عن الرجل يصلي في زاوية الحجرة وابنته أو امرأته تصلي بحذائه في الزاوية الأخرى ؟ قال : لا ينبغي ذلك إلا أن يكون بينهما ستر ، فإن كان بينهما ستر أجزأه.
ورواه الشيخ كما مر (1).
واعلم أن الموجود في النسخ هنا بالتاء المثناة فوق بعد المهملة ، وتقدم بالمعجمة ثم بالباء الموحدة (2) ويمكن صحتهما.
[6123] 4 ـ عبدالله بن جعفر في ( قرب الإسناد ) : عن عبدالله بن الحسن ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه ( عليه السلام ) قال : سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي في مسجد قصير الحائط وامرأة (1) قائمة تصلي بحياله وهو يراها وتراه ، قال : إن كان بينهما حائط طويل أو قصير فلا بأس.

9 ـ باب عدم بطلان صلاة الرجل إذا شرع فيها فصلت المرأة إلى جانبه ، واستحباب إعادة المرأة

[6124] 1 ـ محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن مسعود العياشي ، عن
____________
3 ـ مستطرفات السرائر : 27|7.
(1) مر في الحديث 1 من الباب 5 من هذه الأبواب.
(2) تقدم في الحديث 1 من الباب 5 من هذه الأبواب بلفظ شبر.
4 ـ قرب الأسناد : 95.
(1) في المصدر : وامرأته.

الباب 9
فيه حديث واحد

1 ـ التهذيب 2 : 232|913 وفي : 379|1583.
6118] 1 ـ محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق ، عن عمار ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أنه سئل عن الرجل يستقيم له أن يصلي وبين يديه امرأة تصلي ؟ قال : لا يصلي حتى يجعل بينه وبينها أكثر من عشرة أذرع ، وإن كانت عن يمينه وعن يساره جعل بينه وبينها مثل ذلك ، فإن كانت تصلي خلفه فلا بأس وإن كانت تصيب ثوبه ، وإن كانت المرأة قاعدة أو نائمة أو قائمة في غير صلاة فلا بأس حيث كانت.
الجنبة الفتوائية :-
القول الاول / ذهب بعض الفقهاء الى الجواز اذا كان الفاصل بينهما مقدار شبر او اكثر كالسيد الخوئي الميرزا جواد التبريزي والشيخ الخراساني الا على نحو الاحتياط الاستحبابي في ان يكون موقف الرجل متقدما على موقف المراة لا متساويا معه ولا متاخرا عنه ، قال السيد الخوئي ( قده ) : ( الأقوى صحة صلاة كل من الرجل والمرأة إذا كانا متحاذيين حال الصلاة ، أو كانت المرأة متقدمة إذا كان الفصل بينما مقدار شبر ، أو أكثر ، وإن كان الأحوط استحبابا أن يتقدم الرجل بموقفه على مسجد المرأة ) منهاج الصالحين ج 1 مسألة 545
القول الثاني / الجواز مطلقا ولو لم يكن هناك فاصل بشبر ذهب الى ذلك السيد الروحاني ( الاظهر صحتها وان كان الفصل اقل من مقدار شبر ) منهاج الصالحين – محمد صادق الروحاني – ج1 مسالة 545 ، واختاره السيد محمد سعيد الحكيم ايضا قال : ( لا بأس بصلاة الرجل والمرأة في مكان واحد ، متقدمة عليه ومحاذية له ومتأخرة عنه . نعم يكره ذلك ، بل الأحوط استحبابا تركه ) منهاج الصالحين – السيد محمد سعيد الحكيم – ج 1 – مسألة82
القول الثالث / عدم صحة صلاتهما متحاذيين حتى لو كان الفصل بشبر كما هو راي السيد السيستاني حيث احتاط وجوبا بعدم الجواز ، قال : ( لا تصح على الأحوط صلاة كل من الرجل والمرأة إذا كانا متحاذيين حال الصلاة ، أو كانت المرأة متقدمة على الرجل ، بل يلزم تأخرها عنه بحيث يكون مسجد جبهتها محاذيا لموضع ركبتيه ) منهاج الصالحين ج 1 مسألة 545 ، وافتى به الشيخ اللنكراني في الأحكام الواضحةمسألة 553قال ( الظاهر بطلان صلاة كلّ من الرجل والمرأة إذا كانا متحاذيين حال الصلاة أو كانت المرأةمتقدّمة )
والنتيجة قولان الاول الاحتياط الاستحبابي بتقدم الرجل والثاني الاحتياط الوجوبي او الفتوى بتقدم الرجل ، ومخالفة الاحتياط الاستحبابي جائزة اما مطلقا كما في القول الثاني او بشرط الشبر او اكثر كما في القول الاول .
النقطة الثانية / معنى الاحتياط الاستحبابي ان الصلاة تبطل على الاحوط استحبابا فالاحوط استحبابا اعادتها ، ومعنى الاحتياط الوجوبي ان الصلاة تبطل على الاحوط وجوبا فالاحوط وجوبا اعادتها
ولكن هل تبطل صلاتهما معا – وجوبا او استحبابا – او تبطل صلاة احدهما فقط ؟
الجواب / هنا صورتان :
الصورة الاولى / ان يتقارنا في الدخول الى الصلاة بمعنى يكبران تكبيرة الاحرام سوية لان الدخول الى الصلاة يكون بتكبيرة الاحرام ، فحينئذ تبطل صلاتهما معا على الاحوط وجوبا عند من يقول بالاحتياط الوجوبي وعلى الاحوط استحبابا عند من يقول بالاحتياط الاستحبابي وفتوى عند من يفتي بالبطلان .
الصورة الثانية / ان يبدأ احدهما قبل الاخر فقيل تبطل صلاة المتاخر فقط – على الاحوط وجوبا عند من يقول بالاحتياط الوجوبي وعلى الاحوط استحبابا عند من يقول بالاحتياط الاستحبابي وفتوى عند من يفتي بالبطلان – فاذا دخل الرجل ووجد المراة تصلي فصلى الى جانبها او خلفها بطلت صلاته دون صلاتها وكذا اذا دخلت هي ولم تتاخر عنه تبطل صلاتها دون صلاته ، قال السيد اليزدي ( قده ) 🙁 كما أن الكراهة أو الحرمة مختصة بمن شرع في الصلاة لاحقا إذا كانا مختلفين في الشروع ، ومع تقارنهما تعمهما ) العروة الوثقى ج2 الشرط العاشر من شرائط مكان المصلي
ولكن مقابل هذا القول قول اخر ببطلان صلاتهما معا حتى في هذه الصورة ومال اليه السيد الحكيم في المستمسك عند تعليقته على العبارة المذكورة ج5 ص 477 وممن ذهب اليه السيد السيستاني قال معلقا على القول المتقدم للسيد اليزدي 🙁 في الاختصاص تأمل بل منع ، ولا فرق في المانعية بين أن تتحقق المحاذاة حدوثا ولو من أحدهما وبين تحققها في الأثناء ) تعليقة على العروة الوثقى – السيد علي السيستاني – ج 2 – هامش ص 74
وهذا ما تؤكده بعض الاستفتاءات
4-السؤال: اذا وقف الرجل ليصلي فجائت المرأة ووقفت محاذية له أو متقدمة عليه وشرعت في الصلاة فهل تبطل بذلك صلاة المرأة فقط أم تبطل صلاة الرجل أيضا ، وماهو الحكم في عكس المسألة ؟
الجواب: تبطل الصلاتان معا على الاحوط وجوبا فان المختار أن مانعية المحاذاة أو تقدم المرأة لايختص بصلاة من شرع فيها لاحقا. مر في ذيل صلاة الطواف ص 300 فرعان في تقدم المرأة على الرجل في مكة المكرمة عند الزحام فيها.

12-السؤال: إذا وقف الرجل ليصلي فجاءت المرأة ووقفت محاذية له أو متقدمة عليه وشرعت في الصلاة فهل تبطل بذلك صلاة المرأة فقط أم تبطل صلاة الرجل أيضاً ، وما هو الحكم في عكس المسألة ؟
الجواب: تبطل الصلاتان معاً على الأحوط فإن المختار أن مانعية المحاذاة أو تقدم المرأة لا يختص بصلاة من شرع فيها لاحقاً.

النقطة الثالثة / اذا كان بينهما فاصل كجدار او ستار جازت المحاذاة وجاز تقدم المراة عند الجميع بلا حاجة الى الاحتياط الوجوبي او الاستحبابي في تقدم الرجل .
النقطة الرابعة / اذا كان الفاصل بينهما بعشرة اذرع او اكثر جازت المحاذاة وجاز تقدم المراة عند الجميع بلا حاجة الى الاحتياط الوجوبي أو الاستحبابي في تقدم الرجل والعشرة اذرع تعادل الخمسة امتار تقريباً.
النقطة الخامسة / يكفي في تقدم الرجل على المراة سواء قلنا انه احوط استحبابا او وجوبا ان يكون موضع ركبتيه عند السجود بمستوى موضع سجود المراة ، فاذا كان كذلك صحت صلاتهما عند الجميع ويرتفع الاحتياط الوجوبي او الاستحبابي ، والافضل ان يكون التقدم بتقدم محل وقوفه على موضع سجودها قال السيد السيستاني 🙁 بل يلزم تأخرها عنه بحيث يكون مسجد جبهتها محاذيا لموضع ركبتيه والأحوط استحبابا أن تتأخر عنه بحيث يكون مسجدها وراء موقفه ) منهاج الصالحين السيد السيستاني ج 1 مسألة 545
النقطة الخامسة / لا فرق في المراة بين ان تكون من محارم الرجل او من غير محارمه زوجة له او ليست زوجة فعلى الراي الثالث للسيد السيستاني
الاحتياط الوجوبي ينطبق حتى على الزوجة والمحارم فلو صلى الرجل الى جانب زوجته او امه او بنته او اخته او غيرهن من المحارم او صلى خلفهن بطلت الصلاة ، وعلى راي غيره ان ذلك خلاف الاحتياط الاستحبابي .
النقطة السادسة / لا فرق في الحكم المذكور بين كونهما بالغين او غير بالغين او مختلفين فيشمل الحكم ما لو صلى الرجل محاذيا للصبية او متاخرا عنها كما يشمل محاذاة المراة للصبي او متقدمة عليه كما يشملهما لو لم يكونا بالغين .
النقطة السابعة / يختص ذلك بصورة وحدة المكان بحيث يصدق التقدم والمحاذاة ، فإذا كان أحدهما في موضع عال ، دون الاخر على وجه لا يصدق التقدم والمحاذاة فلا بأس .
النقطة الثامنة / بما ان راي السيد السيستاني مبني على الاحتياط الوجوبي وهو يرى جواز الرجوع الى غيره في الاحتياطات الوجوبية الاعلم فالاعلم فحينئذ يجوز لمقلديه الرجوع في هذه المسالة الى غيره ممن يقول بجواز المحاذاة او تقدم المراة كالشيخين الفياض و الخراساني او السيدين الحكيم والروحاني او غيرهم حسب من يعتقد المكلف باعلميته بعد السيد السيستاني .
النقطة التاسعة /يستثنى من الحكم بعد جواز المحاذاة او تقدم المراة مكان واحد وهو المسجد الحرام اي في الكعبة المشرفة عند الزحام فلا مانع من المحاذاة او تقدم المراة حينئذ دون ما عداه كالمراقد المقدسة للمعصومين عليهم السلام فان الحكم يشملها سواء كان هو الاحتياط الوجوبي او الاستحبابي .
والخلاصة :-
مختارنا في المسألة القول الثالث الذي ذهب إليه والدنا زعيم الطائفة سماحة السيد السيستاني دامت بركاته.

– إذا كان الرجل يصلي وبحذائه أو قدامه امرأة من غير أن تكون منشغلة بالصلاة لا كراهة و لا إشكال . أما إذا كانت منشغلة بالصلاة أي اشتغالهما جميعا بالصلاة .

لا تصح ــ على الأحوط لزوماً ــ صلاة كل من الرجل والمرأة إذا كانا متحاذيين حال الصلاة أو كانت المرأة متقدمة على الرجل، بل يلزم إما تأخرها عنه بحيث يكون مسجد جبهتها محاذياً لموضع ركبتيه ــ والأحوط استحباباً أن تتأخر عنه بحيث يكون مسجدها وراء موقفه ــ وإما أن يكون بينهما حائل أو تكون مسافة أكثر من عشرة أذرع بذراع اليد (4.5 متراً تقريباً)، ولا فرق في ذلك بين المحارم وغيرهم والزوج والزوجة وغيرهما، نعم يختص المنع بالبالغين وإن كان التعميم أحوط استحباباً، كما يختص المنع بصورة وحدة المكان بحيث يصدق التقدم والمحاذاة، فإذا كان أحدهما في موضع عالٍ من دون الآخر على وجه لا يصدق التقدم والمحاذاة فلا بأس، وكذا يختص المنع بحال الاختيار، وأما في حال الاضطرار فلا منع، وكذا عند الزحام بمكة المكرمة.

(فإن المختار أن مانعية المحاذاة أو تقدم المرأة لا يختص بصلاة من شرع فيها لا حق )

نسأله تعالى لنا ولكم التوفيق والتفقه في أحكامه لكي نسعد في الدارين بحق محمد وآله الطاهرين


error: المحتوي محمي