أعترف لكم أنني مدمن! لا، لا أتعاطى المخدِّرات، لا أشرب الخمر، ولا أدخن السيجارة، إنما أدمنتُ الكتابة اليوميَّة.
عندما كنت أقرأ لمن يكتب كلَّ يوم لم أدرك أنه يكتب وإن لم يجد مادَّة تستحق الكتابة، يكتب – فقط – لأنه مدمن.
الكتابة إدمان؛ لأنها تبدأ عادةً لطيفة ثمّ تصبح عادةً قاهرةً، وجابرة.
لا يدري المدمن هل من الأفضل أن يستمعَ لصوتِ العقل، وللطبيب لكي تعود له عافيته، أم يستسلم للعادة، ويظل يستمتع بذلك الإحساس الغريب، والنشوة العالية.
هكذا يتذبذب، ويضطرب عقلُ، وجسد من ملكته عادة لا يستطيع التوقف عنها!
كان إدمانًا شهيًّا، في أطول من خمسِ سنوات، وأشهُر شاركتُ القرَّاءَ بعض الأفكار، وأنصح من يجد في نفسه الرغبة في هذا النوع من الإدمان ألَّا يخشاه، بل يجربه.
تعرفت خلال هذه السنوات على الكثير من النَّاس الرَّائعين الذين شجَّعوني ودعوا لي وكاتبوني.
أنا ممتنّ لهم جميعًا دون أن أسمّيهم.
الكتابة إدمان لا يمكن الشِّفاء منه إلا به، ولا يعرفه إلا من ابتلى به.
ليس أقلّ من قوة الموادّ الضارّة – التي تعرفونها – وتسبب الإدمان.
لا تلومنّ مدمنًا، يكفي في وصفِ حاله ما قاله أبو نواس:
دع عنكَ لومي فإن اللَّومَ إغراءُ
وداوني بالتي كانت هي الدَّاءُ.
أنا مسرورٌ جدًّا أن وَجَد بعضُ القرّاء في – بعضِ المقالاتِ، والخواطر – ما أبهجهم وسرَّهم.
ومن المؤسف جدًّا أنني في كثير من العناوين لم أستطع أن أضيف للقارئ الكريم أكثر مما يعرفه.
أمَّة تقرأ، وتكتب هي أمَّة حيَّة ونشطة، وفي مجتمعنا الكثير من القرَّاء، والكتَّاب والكاتبات، يختلفون في أذواقهم ومعارفهم، الاختلاف سنَّة الحياة.
أنصح كل من يكتب منهم بالكتابة عن هموم الشباب، والشابَّات، وهي كثيرة في هذه الآونة.
“يقول الله تباركَ وتعالى لعبدٍ من عبيده يوم القيامة: أشكرتَ فلانًا؟ فيقول: بل شكرتكَ يا ربّ، فيقول: لم تشكرني إذ لم تشكره”.
لهذا لا بد أن أشكرَ المواقع القطيفيَّة بكل أطيافها التي تراجع المادَّة قبل أن تنشرها، وتتقاسم المسؤوليَّة القانونيَّة؛ فما أضيق عيش كاتب لم يجد نافذةً ينشر من خلالها ما يكتب!.
وأخيرًا ضُرب مثلٌ يَحكي الخفَّة، والثبات بنحلةٍ وقفت على نخلة.
استقرَّت النَّحلةُ فوقها، ولما أرادت أن تطير قالت للنَّخلة: أيتها النخلة تمسكي جيدًا، سوف أطير.
ضحكت منها وأجابتها: أيتها النَّحلة لم أشعر بوقوفك، كيف أشعر بطيرانك؟ قد تظنّ أنّ لكَ وزنًا، وثقلًا في لحظةٍ ما؛ فذلك ظنّ، ولا يصير يقينًا إلا إذا أقرَّ به من يزنه، ويقيسه.