المسؤولية الاجتماعية والعمل الخيري

يعتبر العمل الخيري في كافة المجتمعات الحية القطاع الثالث إلى جانب القطاعين العام والخاص من حيث الدور الذي يقوم به في مجالات التنمية الاجتماعية كافة، بل إن مؤسسات هذا العمل تتحمل مسؤوليات كبيرة في الخدمات المقدمة للمجتمع بعامة وللفئات الأكثر احتياجًا للمساعدة خاصة، وليس الدافع الإنساني والديني هو الوحيد للقيام بهذا العمل، بل إن الدول تحرص على تعظيم دور هذا القطاع لأسباب ذات صلة مباشرة بالأمن الاجتماعي في مجتمعاتها والوقاية من الأسباب التي قد تدفع بعض الأفراد إلى تهديد الأمن وإثارة القلاقل بسبب الحاجة والفقر وغيرها من الأمراض التي قد يستفحل خطرها في غياب المعالجة الاجتماعية للأسباب التي تدفع البعض إليها.. وإذا كانت هذه القضايا تحتاج إلى ميزانيات وموارد لمواجهتها قد تعجز عنها بعض الدول فإن المسؤولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات في القطاعين العام والخاص تقتضي أن تتحمل هذه الجهات المسؤولية، وأن تكون عوناً للجهود التي تبذلها الدول لحماية مواطنيها من الأخطار التي تنجم عن أي تقصير تجاه الفئات المحتاجة، وليس من الضروري أن يكون العون الذي تقدمه هذه المؤسسات والشركات ماديًا مباشراً، بل إنها يمكن أن تؤدي واجباتها من خلال عقد الشراكات مع الجهات الخيرية لتوظيف أبناء الفئات المحتاجة وعقد أو تمويل برامج التأهيل التي تمكنهم من الحصول على فرص العمل المناسبة لهم، أو تنفيذ برامج الرعاية الصحية والتعليمية للمحتاجين أو تمويل المشاريع الصغيرة أو حتى تقديم هذا التمويل على شكل قروض يمكن أن يعيد المستفيد سدادها لتكون قروضًا لآخرين مرة أخرى، وقد شهدت الكثير من المجتمعات الفقيرة خصوصًا أشكالاً من هذه البرامج وليست قصة بنك الفقراء في بنغلاديش ببعيدة عن أذهاننا. وفي مجتمعنا الذي أنعم الله به على ما نحن فيه، ومع إقبال الموسرين والقادرين على إخراج الصدقات فإن ثقافة المسؤولية الاجتماعية ما زالت تخطو خطوات خجولة حتى وإن كانت كثير من المؤسسات قد بادرت إلى إحداث أقسام للمسؤولية الاجتماعية فيها، ورغم تأسيس مجلس المسؤولية الاجتماعية في المنطقة إلا أن كثيراً من مؤسسات القطاع الخاص والشركات والبنوك مدعوة وبقوة إلى تحمل المسؤولية الاجتماعية تجاه هذا المجتمع والوطن الذي هو بعد الله سبب لما وصلت إليه من نجاحات وما حققته من مكاسب.

ولعل المؤسسات الإعلامية والمفكرين وأصحاب الرأي والمؤسسات التربوية بكافة مراحلها، وكذلك طلبة العلم والمشايخ مدعوون إلى حث الجهات التي لم تتحمل المسؤولية الاجتماعية المطلوبة فيها على اللحاق بركب الجهات الرائدة في هذا المجال، لتكون المسؤولية الاجتماعية رافداً لموارد مادية وبشرية مستدامة تكون عوناً للجهات الخيرية في أداء دورها المطلوب بالتكامل مع الجهود التي تبذلها الدولة على كافة المستويات.. وبصراحة فإن هذه الجهات هي أمام تحد يؤكد الانتماء والمواطنة والصادقة وتحمل المسؤولية تجاه الوطن.


error: المحتوي محمي