الصداقة طوق النجاة

كثيرة هي التحديات والصعوبات التي تواجهها المجتمعات والشعوب، خاصة في هذه المرحلة الحرجة من عمر العالم الذي يُعاني من الكثير من المخاطر والأزمات كالفقر والمرض والعنف والبطالة والطائفية وغيرها من المظاهر الخطيرة التي حوّلت عالمنا إلى ما يُشبه الجحيم.

إن حالة التأزم والانقسام والصراع التي تتمظهر في الكثير من دول العالم، تسببت في فقدان الأمن والاستقرار والسكينة، الأمر الذي عطّل عجلة التنمية والتطور والازدهار في تلك الدول. ولمواجهة كل تلك الأزمات والتحديات، لابد من وجود حلول ومعالجات جذرية، ورغبة حقيقية من كل المكونات والتعبيرات التي تُشكل مداميك وقوى المجتمعات والشعوب.

ومن أهم تلك الحلول والمعالجات التي تستحق أن تُغرس وتُعزز في العقول والقلوب، هي الصداقة بكل مفاهيمها الواسعة وقيمها الملهمة وفلسفاتها المثمرة.

الصداقة، رابطة قوية وعلاقة وطيدة، تُسهم وبشكل كبير في تحقيق الأمن والرفاه والوئام المجتمعي، وهي ــ أي الصداقة ــ سور متين يصد كل عاديات الغدر والكره والضغينة. الصداقة، جسر آمن يمتد نحو فضاءات الفرح، وبوصلة ثابتة باتجاه التواصل بين الشعوب والثقافات.

الصداقة، قيمة سامية ولغة فصيحة وحوار دافئ، والصداقة كما يقول الفيلسوف الروماني الشهير: “أفضل ما يمتلك الإنسان، لأنها أثمن شيء في أيام المحبة والازدهار”.

وفي مثل هذا اليوم “30 يوليو” من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للصداقة، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 2011، إيماناً منها بأهمية وتأثير الصداقة على المجتمعات والأفراد، وإلحاحاً منها على إبراز قيمة الصداقة كعامل محفز لجهود السلام، وفرصة ثرية لبناء جسور من الحب والانفتاح والحوار بين مختلف المجتمعات والثقافات، وصرخة مدوّية في وجه كل مظاهر الكره والإقصاء والتمييز.

الصداقة كفلسفة ونهج وواقع، تستحق أن تتصدر “خارطة القيم” في كل تفاصيل حياتنا، لأنها حالة متقدمة من الرقي والتمدن والتحضر.

ما أحوجنا في هذا العصر الذي تزدحم فيه مظاهر الكراهية والصدام والانقسام، إلى الصداقة التي تُمثل بلسماً للروح وجسراً للخلاص.

الصداقة، بل كل القيم النبيلة، نحتاجها الآن أكثر من أي وقت مضى. الصداقة مع النفس، والصداقة مع كل أفراد الأسرة، والصداقة مع الآخر مهما كان هذا الآخر، والصداقة مع المختلف والضد، والصداقة مع المكان والزمان، والصداقة مع البيئة والحيوان، والصداقة مع الحضارات والمجتمعات، والصداقة بكل الألوان والاتجاهات.

الصداقة، هي “طوق النجاة” لكوكب الأرض الذي يغرق في فضاء من الكره والخوف والعداوة.


error: المحتوي محمي