هل يملك الأبناء الشقق التي يسكنونها في حياة أبيهم وبعد مماته؟

توفر بعض السيولة النقدية عند الابوين وغلاء المعيشة وصعوبة توفير مسكن مناسب للابناء جعل أغلب الاباء اليوم يتوجهون لبناء شقق ودبلوكسات وبيوت لابنائهم وذلك حسب قدراتهم المالية وتصوراتهم لكيفية مساعدة الابناء والبنات في ادارة حياتهم المملؤة بالتحديات الاقتصادية، إلا ان هذا الوضع مازال مهملاً من ناحية الاجراءات الشرعية والقانونية في حياة الاب لمنع أي خلاف بعد موته وربما يصبح محل خلاف لاحقا ويتحول الوضع الى مشكلة شائكة، ولدينا عدة امور مهمة قبل وضع صور التخريج الفقهي:

الاولى : انه حين الشك في كون ما لديه من شقة هي ملك ام اباحة فالأصل عدم كونها ملكاً ان لم يكن هناك عقد تمليك من بيع او هبة ، وتعود الشقق حينئذٍ الى الورثة ولا فرق في هذه الصورة بين ان يكون الذي قام بتنفيذ البناء الاب او الابناء انفسهم

الثانية : ان الاباحة هي اجازة انتفاع تنتهي بانتهاء اذن المبيح او موته ، بينما لا يسقط الملك بموت صاحب البيت كالأب مثلاً

الثالث : ان الانتفاع الفعلي بالشيء وان طال أمده لا يحوله الى ملك وان ظن الناس ذلك ،فلو سكن الابن عشر سنوات في شقة ببيت ابيه لا يجعلها ملكاً له .

الرابع : ان تمليك الاب لابنه ان كان بيعاً فيمكنه التراجع بطلب الاقالة ان رضي الابن ، بينما لا يمكنه ذلك ان ملكه الشقة على نحو الهبة فإنها غير قابلة للتراجع بين الارحام الا اذا اشترط في أصل الهبة ثبوت حق الرجوع له .

وأضع هنا عدة صور كحلول مقترحة يمكن للأب اختيار الافضل بالنسبة له ولهم خصوصاً مع كثرة الاولاد والبنات ، وهناك صور أيضاً يمكن التفكير فيها:

الاول : ان يكون البيت ملكا للأب وقد بنى للأبناء شققاً جديدة لاحقاً فوق البنيان الموجود او تكون الشقق مبنية منذ تأسيسه لا فرق ، وقد قرر الاب ان يُملك كلَ ولد الشقة التي يسكنها فعليه تحديد طريقة التمليك بيعاً وان كان بقيمة بسيطة او هبة مطلقة بمعنى ينتقل اليه مطلقاً او هبة مشروطة بعدم الخروج او بعدم بيع الشقة لاجنبي مثلاً او بعدم تاجيرها بدون رضى اخوته.

فمادام التمليك في حياة الاب – الطبيعية- فهم يملكون ما مُلكوا ولا يدخل في ارث الاب بعد موته ولا يحق لاحد مقاسمتهم في شققهم ويبقى جزء الاب والارض إرثاً للجميع ويشارك الابناءُ اصحابُ الشقق بقيةَ الورثة في الاجزاء الاخرى.

ومن المهم هنا ان يُشترط على الابناء اصحاب الشقق ان لا يبيعوا شققهم لاخرين بدون استئذان بقية الورثة فيما اذا بنوا لانفسهم بيوتاً مستقلة او قرروا الخروج لاي سبب من الاسباب فان للاخرين حق الشفعة وان طالب بقيمة عالية ولم يقبلوا فلا يحق له بيعه لاخرين الا برضاهم جميعاً ومع عدم الرضا فلا يحق له البيع ويمكنهم ان يضعوا شروطاً صعبة مسبقة لمنعه من البيع .

الثاني : ان تبنى الشقق من قبل الاب او الام او الاولاد دون بيان كونها ملكاً او حقاً للسكنى فقط ، ويعود مثل هذا الوضع مع عدم اتخاذ أي اجراء شرعي الى الورثة جميعاً بما فيهم هذه الشقق،وما بناه الابناء من مالهم الخاص او الام فلابد من المصالحة مع الورثة جميعاً .

ياتي // لو بنته الام ووهبته لابنها فما حكمه ؟


error: المحتوي محمي