بعد مائة عام قضاها بين العلم والأدب والمحاماة.. «الخط» يحتفي بالشاعر محمد الخنيزي.. أول من أصدر ديوانًا في «الشرقية»

احتفى منتدى الخط الحضاري بالشاعر محمد سعيد الخنيزي بمناسبة بلوغه سن المائة عام، قضاها في رحاب العلم والأدب والمحاماة، حتى صار علامة بارزة في سماء الشعر، ليس في القطيف وحسب، بل على مستوى المملكة والوطن العربي.

ويعد الشاعر الخنيزي ظاهرة من ظواهر الشعر والأدب في بلادنا الحبيبة، فهو نجل المرحوم الشيخ علي أبو الحسن الخنيزي، الذي كان في فترة من الفترات قاضيًا بين الناس، دون فرق بين الشيعي والسني في هذه المنطقة، التي كانت ولا تزال واحة للتعايش بين أبناء الدين الواحد والوطن الواحد. وهو شقيق القاضي والشاعر الشيخ عبد الحميد الخطي، وكذلك الشاعر والقاضي الشيخ عبدالله الخنيزي، فهو من عائلة ورثت العلم والأدب كابرًا عن كابر، وما يفرق في تجربة الشاعر محمد سعيد الخنيزي عن قرنائه أنه يملك تجربة ذاتية صعبة للغاية، إذ فقد نور بصره وهو في عمر السابعة ولكن مواهبه الشعرية والأدبية بدأت معه منذ ذلك الحين حتى وقتنا الحاضر.

وذكر الكاتب فؤاد نصر الله أن منتدى الخط الثقافي إذ يحتفي ببلوغ هذا الشاعر الفذ -حفظه الله- سن المائة حيث إنه من مواليد عام 1343هـ، فهو بمثابة احتفاء بالأدب وتقدير للعطاء والموهبة، قائلًا: “لنؤكد مرة أخرى أن بلادنا الحبيبة زاخرة بالمواهب والكفاءات علمًا بأن المنتدى كان قد احتفي قبل بضعة أعوام بالشاعر نفسه وأقام احتفالية تكريمية تقديرًا لعطاء الشاعر، وقد تمت بمشاركة أدبية واجتماعية بارزة، وذلك ضمن مسلسل التكريم الذي يقوم به المنتدى تكريمًا للفعاليات الأدبية والثقافية في البلاد”.

ويعد الخنيزي قمة شامخة من شعراء الرعيل الأول الذين حفلت بهم القطيف، بل هو أول من أصدر ديوانًا شعريًا في المنطقة الشرقية، فهو بذلك قامة ثقافية وأدبية رائدة ذات قيمة مضافة إلى ما تتمتع به هذه المنطقة من نمو على مختلف الصعد؛ إذ تقول السيرة الذاتية التي أرّخها بشكل مفصل في كتابه “خيوط من الشمس” بأنه في تلك الفترات التحق ـ مع كافة زملائه ـ بالدراسة في أحد الكتاتيب، والذي نطلق عليه في عرفنا بمحافظة القطيف “المعلّم”، إذ يلتحق الأطفال بالدراسة عند من يقوم بهذه المهمة، فقد يكون “المعلّم” رجلًا، وقد يكون امراة، ويطلق عليها “المعلّمة” وكان نصيب هذا الفتى الكفيف وهو في كنف والده الشيخ علي أبو الحسن الخنيزي، أن يتوجه نحو الكتّاب (أو المعلم)، ولم تمنعه الإعاقة البصرية عن انتهال العلم فكان أول إنجازاته في هذا الصعيد هو حفظ القرآن، كمقرّر أول للدراسة في الكتاتيب، وذلك لدى الشيخ محمد بن صالح البريكي ثم أخيه الشيخ ميرزا البريكي، ورافق ذلك دراسة السيرة النبوية الشريفة، مع بعض الدروس في الحساب والتي تسمى الجمع والطرح والضَّرب والقسمة.

وصدر أول ديوان له وهو “النغم الجريح”، في عام 1961، ثم ديوان “شيء اسمه الحب” في عام 1976، و”شمس بلا أفق” في عام 1986. ثم تتالت الإصدارات بين شعر ونثر حيث أصدر طوال سني حياته 25 مؤلفًا بين ديوان وقراءة أدبية ونقدية منها: “مدينة الدراري”، و”كانوا على الدرب”، و”خيوط من الشمس”، و”تهاويل عبقر”، و”العبقري المغمور”، و”أضواء من النقد في الأدب العربي”، و”إيحاءات سماوية”، و”أوراق متناثرة”، و”أشباح في الظلام”، و”من ذاكرة التاريخ”، و”أيام من الماضي”، و”المعري الشاك”، و”ذكرى أبو نسيم”، و”دراسات في شعر أبي نواس”، و”أطياف وراء السديم”، و”من قراءات الكتب”، و”تأملات”، و”أحداث تاريخية”، و”من جراحات الأيام”.

ونشر قصائده ومقالاته في العديد من الصحف والمجلات المحلية والعربية، ومنها: “الكتاب” في مصر، و”الأديب” و”العرفان” و”الألواح” و”المعارف”، في لبنان، و”الغري” و”الأفق” العراقيتين، و”الرائد” و”العربي” الكويتيتين، وأخبار الظهران، وصوت البحرين، وعدد من الصحف السعودية والخليجية، كما أذيعت بعض قصائده في عدد من الإذاعات السعودية والخليجية والعربية، بالإضافة إلى إذاعة لندن (بي بي سي).

وكتب عنه مؤرخون ونقاد من مختلف الاتجاهات، ومنهم: محمد سعيد المسلم، وعبدالرحمن العبيد، والشيخ عبدالله الخنيزي، والشيخ عبدالهادي الفضلي، وسعود الفرج، وعبدالله السبيعي، وعبدالله الحامد، وعبدالله شباط، وعبدالعلي السيف، والشيخ علي المرهون، والسيد حسن العوامي، بالإضافة إلى خليل الفزيع، وفؤاد نصر الله، وغيرهم.




error: المحتوي محمي