جزى الله الآباءَ والأمَّهات خيرًا في هذا الزَّمان وفي كلِّ زمان. بنوا دورهم ومساكنهم، وهم الآن بما بقيَ في جعبتهم من مالٍ ادّخروه لضوائقِ الزَّمان يبنون للأبناءِ والبنات. لو استطاعَ الآباء والأمَّهات أن تكون أحضانهم دورًا للأبناء، ما قصَّروا عن جعلها دورًا وسكنًا.
يستحقّ الأبناء كلَّ هذه الرِّعاية دون منَّة، زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون. ما قيمة المالِ في المصرف لمن يملك المال؟ المشكلة في من يبخل على الأبناءِ والبنات أنه يأتي يومٌ يصير المالُ للأبناءِ رضيَ أم كره. لكن شيئًا آخر علينا أن نعطيه للأبناء وهو أفضل وأهمّ من كل هذا البنيان الضَّخم!
الإنسان الذكي الألمعي في هذا العصر دون شهادة أكاديميَّة مثله مثل المسافر الصالح، كلاهما لا يستطيع السَّفر خارج الحدود والنُطُق المسموح بها! تقولون: يدبِّر نفسه وذنبه على جنبه، وهناك كثيرون نجحوا في الحياةِ دون شهادة! أنتم من أتيتم بهم إلى هذه الدّنيا وعليكم دفعهم وسوقهم نحو العلم، كرهوا أم أحبوا. أما قصص النَّجاح المبهرة فهي نادرة الحدوث، إن حدثت أصلًا!
كثيرًا ما نقرأ في الأحاديث الدينيَّة؛ علموا أولادكم هذا وعلموهم ذاك، ولو أننا لاحظنا تغير الزمن لم نستغرب أن تكون نصيحة هذا العصر علموا أولادكم العلومَ الدنيويَّة، الطبّ والهندسة والرِّياضيات والعلوم الحديثة بكل أصنافها. فإذا قرأتم أو سمعتم نصيحة تقول بأن النَّجاح لا يحتاج إلى دراسة وشهادة وأن المليارديرات لم يتخرجوا من الجامعات فتأكدوا أنها نصيحة عاطلة ومعطوبة. إذ لربما وصل هؤلاء الناجحون والمليارديرات إلى مراتبَ أعلى وأسمى لو درسوا! وإذا كان هناك أربعة أو خمسة نجحوا دون شهادة، فهناك الملايين يعيشون على حافَّة الحياة لأنهم لم يكملوا تعليمهم ولم يحصلوا على شهادةِ تعليم.
الحياة ليست دائمًا ما أعرفه بل كيف أثبت أنني أعرف ما أزعم أنني أعرفه. من الممكن أن أكون في ذكاءِ آينشتاين – أو أعظم ذكاءً منه – لكن لن يصدقني أحد ولن يشغلني أحد ما دمت لا أملك وثيقة، فذاك زمان وهذا زمانٌ آخر! فإذا أردت أن تترك أهلكَ أغنياء – بمشيئة الله – لا يستعطونَ النَّاس، حثَّهم على العلمِ والدِّراسة.