أيقنت أن التفاني بالعمل الجاد واتباع الشغف علامات الطريق الصحيح لتحقيق طموحاتها وأحلامها على أرض الواقع، ولم تقف صامتةً في عالمٍ يغمره الجمال والأناقة، والعالم المخملي المزدان بقلوب كالدر، وأكاليل الياسمين، وأنفاس عذبة تتقلد جيد الحياة وزينة لها، لتجد نفسها تُحاكي بأسلوبها الأنيق ما يحتاجه المولود في بداية حياته، لتغمره بالدفء والنعومة في مهاده ويزدان تألقًا كالربيع الطلق، ومن هنا اختارت أن تتكلم بِلُغةِ الإبداع والتميز، وتخصصت بتصميم مفارش الأطفال وامتلكت مشروعًا خاصًا بها أطلقت عليه اسم “بوتيك جيهان السلمان”، واتخذت ثلاث جمل كتعريف عن نفسها، وهذه الكلمات هي؛ إنسانة تبحث عن النجاح بتحقيق أحلامها، وإثبات قدراتها، والتفرد في عملها.
ابنة سيهات المصممة جيهان عبدالله السلمان المتخرجة في المعهد الثانوي قسم التصميم والخياطة والحاصلة أيضًا على بكالوريوس تربوي اقتصاد منزلي، والتي روت خلال حوار لها مع «القطيف اليوم» قصتها متنقلة بين محطات رحلتها المليئة بالإنجاز والذوق الرفيع وكسب ثقة كل من تعامل معها.
احتضان الوالدين
اتجهت أولى خطواتها في عالم الفن نحو الرسم بمساعدة من والدها الذي سعى إلى تنمية حب الرسم لديها وتشجيعها، واصطحابها معه منذ نعومة أظفارها للالتقاء بفنانين تشكيليين وإطلاعها على أعمال فنية عالمية، ومن إبداع والدتها في الخياطة اكتسبت حُبًا آخر حيث تعلقت به ووجدت نفسها من خلالها.
تأسيس المشغل
لم تدم طويلًا في العمل بسلك التعليم المدرسي فقد تركته لتضع جُل اهتمامها بتأسيس مشغل خاص بها لتكون رائدة أعمال، فهي تهوى التصميم الداخلي والديكور المنزلي رغم تخصصها في التصميم والخياطة.
تحول لتصميم المفارش
في البداية كانت تقوم بتصميم وخياطة ملابس خاصة لدمى “باربي”، ثم انطلقت في مشوارها نحو عالم تصميم وخياطة مفارش الأطفال وإكسسوارات المنزل والمطبخ، وبعد تخرجها في الجامعة بدأت الخياطة في منزلها باقتناء ماكينة خياطة واحدة إلى أن توسعت في مشروعها وأصبح لديها مشغل خاص وعاملات مختصات واستمرت في ذلك طوال 20 عامًا منذ تخرجها ولا تزال مستمرة.
وقبل أن تتخصص في صناعة مفارش الأطفال وإكسسوارات المنزل كانت تقوم بتصميم ملابس وفساتين الأطفال، وبدأ تحولها لتصميم مفارش الأطفال؛ بطلب شخصي من إحدى معارفها التي كانت من الحوامل آنذاك، فخاضت التجربة وحظيت بنجاح لافت، وإشادات واسعة، جعلها تكتشف عالمًا آخر فقررت حينها أن تتوسع بهذه التجربة وتطور من تصاميمها وتركز على ذلك المنحى بصورة أكبر.
الرسم سهل المهمة
اهتمامها المسبق بالرسم واللوحات الفنية سهّل عليها ابتكار تصاميم خاصة بها، وأصبحت تولد الأفكار، حيث يبدأ المفرش بفكرة تتخيلها بشكل مُسبق لحظة شراء قطعة القُماش قبل البدء في تنفيذها، مبينة أن المدة التي يستغرقها تصميم مفرش للأطفال تعتمد على عدد القطع المطلوبة، وغالبًا ما تتراوح بين يومين إلى أسبوع.
ولادة الفكرة
ومنذ لحظة رؤية أي قماش جديد تولد فكرة تصميمه داخلها كما أن القماش عالم يفتح لها آفاقًا جديدة، لدرجة أنها تستغل رحلات سفرها إلى أوروبا للبحث عن أقمشة جديدة، وتخصص جزءًا كبيرًا في السفر للبحث عن الأقمشة المحفزة على الأفكار.
متعة
بالنسبة لها في عملية التصميم فإن الجزء الأكثر امتاعًا لها هو اختيار الألوان أو شراء الخامات أو تنفيذ القصات؟ وعن ذلك قالت: “شراء الخامات هوس بالنسبة لي، بل إنني أتعامل مع بعض القطع ككنز ثمين لا ينبغي العبث به، ولا أخفي عليكم إنني أشتري بعض الخامات وتظل معي فترة طويلة حتى أبتكر لها فكرة تليق بها، إضافةً إلى أن وظيفة المصمم الناجح أن يفكك تلك العقد للمفارش المعقدة، ليبدو العمل في نهايته جميلًا وراقيًا في ذات الوقت، وأن يمتلك فكرًا بلا حدود، وخيالًا بلا سقف، ومعينًا من الرؤى لا ينضب، وجهدًا أكثر من أي شيء آخر”.
من هنا تستمد الأفكار
وتستلهم السلمان من أي شيء خلاق أفكار تصميم مفارش الأطفال كصورة عابرة في مجلة، أو واجهة منزل، أو لقطة في فيلم سينمائي، وتقول بأن الفكرة غالبًا ما تكون عبارة عن خيال مجرد ولكنها تحولها إلى واقع، وما يميز تصاميمها اعتمادها على الجانب الفني فيها والتعامل معها كلوحة فنية.
ألوان وخامات
ومن بين الألوان تحب جميع ألوان الطبيعة، ومن الخامات تعشق الدانتيلات، كما أنها تتواصل مع شركات وأفراد في الدول الأوروبية أو أمريكا الجنوبية لمجرد رؤيتها قطعة قماش ساحرة لدى أي منهم، كما حدث لها مؤخرًا أنها تواصلت مع إحدى الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الحصول على بعض إنتاجهم من الأقمشة.
تسعيرة متفاوتة
وبالنسبة للتسعيرة ذكرت أنها لا تعتمد على الوقت وحده إنما أمور أخرى؛ حيث إن تصاميم مفارش الأطفال المحلية أخذت مساحة كبيرة وسجلت حضورًا لافتًا في هذا السوق.
وفي تنفيذ العمل ترحب السلمان بملاحظات ورغبات العميلات وترى أن من حق أي عميلة أن تحلم بما تتمنى لأنهن بذلك يقدمن لها أفكارًا جديدة، مشترطة ألا تتعارض طلباتهن مع ذوقها في التصميم وتركيب الألوان بأسلوبها الخاص وعدم تقليد الآخرين.
مواقف مؤثرة!
وحكت بعض المواقف المؤثرة التي واجهتها ومنها؛ أن تأتي عميلة وتُريد تجهيز طقم لمولودها فتعتذر لضيق الوقت ثم تكتشف أن العميلة تنتظر هذه اللحظة منذ سنوات طويلة أن تُرزق بطفل لتأتي إليها بهدف تجهيز احتياجاته من تصميمها، وعند ذلك تشعر بالضعف والموافقة على الطلب وتقوم بتصميم أطقم للمولود، مشيرةً إلى أن من أصعب المواقف وأشدها ألمًا عندما تقوم بتصميم أطقم المولود وعندما تتواصل مع العميلة لاستلام طلبها، تكتشف أن الجنين قد توفاه الله، وتُصيبها حالة حُزن لا تُفارقها سريعًا.
صعوبة التفاصيل الصغيرة
وعبرت عن رأيها فيما إن كان تصميم الأزياء أسهل من تصميم المفارش أم أصعب؛ بأن المقاييس مختلفة، لكنها ترى من وجهة نظرها أن تصميم المفارش أصعب لأنها تعتمد على تفاصيل صغيرة ودقيقة، وتزداد الصعوبة بشح الخامات في السوق المحلية.
طلبات خارجية
وأشارت إلى أنها لديها طلبات تجاوزت النطاق المحلي وكافة دول الخليج العربي دون استثناء وأيضًا طلبات من المبتعثات والمقيمات السعوديات في أمريكا وكندا وأوروبا مبينة أنه يتم الشحن لهن.
دعم العائلة
وثمنت الدعم الذي استندت عليه منذ طفولتها إلى الآن قائلة: “بفضل الله تعالى ودعم والديّ وزوجي وكذلك أبنائي الذين يشاركوني تفاصيل عملي؛ لا أقف عند أي تحدٍ ولا أستسلم للمصاعب”.
بالحلم.. تجاوزن مقبرة الإبداع
وفي ختام حديثها قالت: “الأحلام الكبيرة تبدأ بفكرة، لذلك أدعو الشباب والسيدات تحديدًا إلى عدم الخضوع أمام التحديات”، ونصحت السيدات خاصةً بأن يتجاوزن حلم الحصول على وظيفة بتحويل أفكارهن إلى واقع، معللةً ذلك بأن الوظيفة التقليدية غالبًا ما تكون مقبرة للإبداع.