النَّقْدُ الرِّيَاضِيّ بَيْنَ الْبِنَاء والْهَدْمِ

تزخرُ الساحةُ الرياضيةُ في وطننا الغالي بإنجازاتٍ متتاليةٍ على المستوى المحلي والعالمي منذ عقود من الزمن؛ مما أكسبها سمعة وثقة تعدت نطاقها المحلي إلى محيطها الإقليمي وحتى العالمي؛ وكل هذا لم يتأتى إلا بوجود الدعم اللا محدود الذي تقدمهُ الدولة -أيدها الله- في هذا الاتجاه.

ولكي تأخذ هذه الألعاب جانبًا احترافياً يُسهم في لعب دور فعال يسعى إلى تحقيق المزيد من الإنجازات في كافة الألعاب الرياضية، ومٍنْ أجلِ ذلكَ كلهُ تبنّت وزارة الرياضية ترسيخ الجانب المهني أو ما يُسمى باحترافية الألعاب وإخضاعها لمعايير وأهداف وشروط ومراجعة مستمرة، وفسحتْ الوزارة من جانب آخر بابَ النقد في هذا المجال الذي لا يجب أن يخرج عن الموضوعية؛ ليصبَ في نهاية المطاف في الوصول للهدف وتحقيق أفضلِ النتائجِ المُمْكِنَةِ للوصول إلى مَا يُراد تحقيقهِ.

ولكي نصلَ إلى اكتسابِ مهارةِ النقدِ الموضوعي والهادف أو البناء كما يحلو لأهل الاختصاص تسميتهِ بذلكَ، لا بدَ من تحديد تعريفهِ بشكل دقيق، فالنَّقْد البَنَّاء هو عملية تقديم آراء صحيحة ووجيهة حول عمل الآخرين، والتي تنطوي عادة على تعليقات إيجابية وسلبية ولكن بطريقة ودية وليس بطريقة فيها عناد. وفي الأعمال التعاونية غالبًا ما يكون هذا النوع من النقد أداة قيّمة للارتقاء بمعايير الأداء والمحافظة عليها.

وهذا التعريف لا يختص بمجال دون الآخر ؛ بل يصلح اتخاذه كمعيار محدد في جميع المهام والأنشطةِ المختلفة بما فيها المجال والنشاط الرياضي.

وعند تفحص واقعنا الرياضي المحلي، خاصة فيما يتعلق بمفهومِ النقدِ الرياضي الإيجابي البنّاء، فإنهُ أصبحَ يمارس لدى البعض في ساحاتنا الرياضية بطريقة غير احترافية؛ حيثُ يرتدي فيهِ البعض عباءةَ الناقدِ والفيلسوفِ والخبيرِ بالشؤونِ الرياضيةِ دونَ أنْ يَكُونَ مُلمًا بأبسطِ أساسياتِ اللعبةِ وقوانينها وطرق لعبها وخططها.

وعند تناول الكثيرُ مِنْ الأحداثِ والمواقفِ في أنديتنا، يستلزم الأمر أنْ يَكُونَ النقدُ فيها على مستوى الحدثِ مِنْ أجلِ الوصولِ إلى الهدفِ المنشودِ الذي يُراد الوصول إليهِ ولا يتعداه.

ومن الأهمية بمكان، أَنْ يكون الناقد الرياضي متحليًا بسماتٍ مهمة وذلكَ مِنْ خلال قيامهِ بالتحليل بطريقةٍ بناءةٍ وموضوعيةٍ؛ مِنْ أجلِ النهوض بالرياضةِ في هذه المنشأة الرياضية دونَ اتباع أسلوب التجريحٍ أو توجيه الإساءة لطرف معين، لكي لا يصل الموضوع وينحصر في الأمور الضيقة التي تعيق ما يُراد تحقيقه والوصول إليهِ.

لذا يتمثلُ دور الناقد في سعيهِ إلى التطويرِ المدروسِ، والتصويب المتزن، والتصحيح الدائم، وتحسينَ بيئة العَمَلِ الرياضية في هذه المنشأة، والوقوف على تحديدِ الأخطاءِ وتلافيها، وتسليطُ الضوءُ على مواضعِ النقصِ والضعفِ والخللِ في جميعِ الألعابِ المختلفةِ، والبحث في الأسباب ومعالجتها حتى يمكن تلافي حصولها مستقبلاً، والابتعاد كل البعدِ عَنْ تصيد أخطاء الآخرين، وعدم شخصنة الموضوع؛ وذلك بأن يكون تركيزه على أَنْ ينقد العمل والأداء دون الأشخاص أو المسؤولين.

ويمتازُ النقدُ الجيدُ فِي كونهِ يبتعدُ ويخلو من صفة الكرهِ وضغينة الحقدِ واتباع أسلوب التشهيرِ بالأشخاص والإساءةِ لهم، والتعدي عليهم، بل يركز النقد الجيد على إيجابياتِ وسلبياتِ العَمَلِ دونَ الالتفاتِ لاعتباراتٍ أُخرى، يضعُ الحلولَ، ويوفر الإمكانات اللازمة للنهوض بمستوى الألعاب الرياضية والأنشطة الثقافية المختلفة في هذه المنشأة الرياضية كي لا يصاب بسمة ومتلازمة مسلسل الإخفاقات والفشل المتتالية، مستغلًا كافة فرص التحسين الممكنة والمتاحة للصعود بمستوى كافة أنشطة المنشأة الرياضية والثقافية إلى تحقيق الإنجازات وسلم الانتصاراتِ المتتابعة، والتقدمِ على كافة الصعد.

نرجو أَنْ تسودَ هذهِ الروحُ الخلاقةُ جميعَ محافلنا الرياضية.



error: المحتوي محمي