كان للمجلس البلدي بالقطيف الذي انتهت فترة التمديد لأعضائه مؤخراً مشروع عمل عليه منذ ست سنوات تقريباً، يتلخص في تحويل بلدية القطيف إلى أمانة، وقام بعمل دراسة قام بها مختصون وتلبية الإجراءات الإدارية الأخرى التي يتطلبها مثل هذا المشروع.
مؤخراً أثار الخبر الذي نشره أحد المواقع المحلية بشأن فكرة تحويل المبني الإداري – الذي خصصته بلدية القطيف ليكون مقراً لها عندما يتم ترقيتها إلى أمانة – إلى فندق.
لاقت هذه الفكرة التي نسبها الموقع إلى سعادة أمين المنطقة الشرقية الكثير من الصدى والردود بين مؤيد ومعارض ومقترح خيارات أخرى للاستفادة من هذا المبنى الأضخم في محافظة القطيف الذي يوشك على الانتهاء.
يشهد الجميع الآن حجم المنافسة الكبير بين مدن ومناطق المملكة على التطوير والتحديث الذي صرنا نراه واقعاً في مدن ومناطق عديدة بدءً بالعاصمة مروراً بالمدن المتوسطة وحتى الصغيرة أيضاً، بل حتى تلك المدن التي كانت تسمى مدن الأطراف أصبحنا نرى ونفخر بحجم التطوير الذي وصلها وأصبحت تضاهي مدناً عديدة.
ما أود الإشارة إليه أن المبنى المعني هو ليس المبنى الوحيد التابع للبلدية في القطيف الذي يحتاج إلى تحويل أو مناقشة مدى الاستفادة منه سواء كمكاتب إدارية أو تحويره لغرض آخر، فمبنى مكتب البلدية في بلدة الجارودية على سبيل المثال هو أيضاً بحاجة لمراجعة، فهو في موقع مكتظ بمنازل الحي القديم المزدحم بالسكان، وتحويل موقعه إلى مسطح اخضر أو جعله مواقف سيارات سكان البلدة القديمة سيغير المشهد ويصبح أكثر فائدة ومنفعة للأهالي هناك.
المثال الآخر في جزيرة تاروت التي يصل عدد سكانها إلى 100 ألف نسمة، فمبنى البلدية الحالي – الذي لا ترى فيه سوى عدد محدود من الموظفين – وطريقة التصميم الحالية هي أقرب لتحويره لأن يكون نزلاً سياحياً مطلاً على الشاطئ الوحيد في محافظة القطيف وهو شاطئ الرفيعة، وهو الأسرع لتطبيق ما أعلن عنه سابقاً بالترخيص لخمسة فنادق سياحية.
وهناك عدد من المباني البلدية غير المستخدمة استخداماً حقيقاً سبق أن اقترحنا مراراً على بلدية القطيف أن يتم تحويل أحدها الى مركز البلدية الثقافي لتقديم خدمات ثقافية واجتماعية – على أسس استثمارية – تحتاجها المدينة.
كل هذه النماذج تؤكد مدى الحاجة الى إجراء مراجعة شاملة وتقييم لمدى الحاجة لكل مبنى من مباني البلدية، وليس فقط حصرها في مبنى واحد فقط.
إن التطور التقني الذي شهدته معظم أو كل الدوائر الحكومية تقريباً يفرض علينا التوقف وشحذ الهمم لإجراء مثل هذه المراجعة للإجراءات الإدارية، وكذلك لمباني ومقرات البلدية وكل مباني الأجهزة الأخرى.
إن مثل هذه المراجعات قادرة إن شاء الله على تحقيق إنجازات حقيقية على الأرض، كما أنها قادرة على تحقيق المفاهيم الحديثة الخاصة بجودة الحياة وتحسين المشهد الحضري وإزالة التشوه البصري.
إن طبيعة العمل الإداري الروتيني طوال سنوات ماضية دون النظر إلى مختلف المتغيرات التي تحدث بفعل مر السنين وتغير احتياجات واتجاهات المدينة عمرانياً واجتماعياً يراكم تلك الاحتياجات ويفعل فعله في المدينة، مما يجعل الحاجة لعمل وجهود وأساليب استثنائية تستطيع المعالجة والتصحيح للبدء بدخول سباق التطوير الذي بدأته عدة مدن ومناطق في المملكة، ومن ثم تحقيق ومراكمة الإنجازات الحقيقية.
لقد سبق أن اقترحنا قبل أكثر من عام عبر مقال “الهيئات الملكية تجربة سعودية ناجحة 100%”، ومقال آخر قبله قبل أربع سنوات “الهيئة الملكية لتطوير منطقة القطيف”، أحد الحلول العملية المجربة والقادرة على صناعة تغيير حقيقي على مستوى المدينة، بل والقفز للحاق بالسباق الرائع الذي تشهده المملكة على مستوى تطوير المدن والمناطق.