موسوعة إبليس

أجل لقد تعبتُ كثيرًا في السنة الماضية، غير أنّ السعادة كانت تتخلل أيامي وأيام عائلتي وكانت تتبعها جرعات من الشكر والثناء لله تعالى.

أما رواية هذا العام فأحاديثها منسوبة لمجهول، وما زال شغفي بجمال الحياة قائمًا ما دامت الأقدارُ مرهونةً بيد الله تعالى.

فأنا ما زلتُ أتمتعُ بحصانة مقدّسة ضد أيّ ألم أو تعب نفسي أو جسديّ؛ وذلك لأن الإيمان بالمقدرات الإلهية سبيل للقناعة والرضا مع وجود رغبة أكيدة للعمل من أجل الأفضل.

ثم أنّه لا مبرر للخوف من المستقبل ولا تستحق أحداث الحاضر الحزن المطلق لأنها سوف تذهب لحال سبيلها وإن طال مقامها.

إنّ المستقبل شيق واقتحامه لا يخلو من عواصف هوجاء تقتلع أحلامنا وترمي بأجسادنا بعيدًا، لكن لابد أن يمر علينا نسيمٌ عليل ينعش الأبدان، ويُعيد توازن الأمنيات من جديد وبين هذا وذاك لنا البشرى.

يقول الله تعالى: (لَهُمُ الْبُشْرى‏ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

وفي مستهل هذا العام الجديد سواءً كان استقباله ببلاء جهيد أم خبر سعيد، فأمورنا مخطوطة الأقدار وما زالت هناك فرصة لتصحيح أوضاعنا بالعمل، فالبعض منّا يلَزِمَ العَمَل لَيْلَ نَهارَ يَدْأَبُ فِيهِ ثم يختم عامَهُ بمحصول وفير.

أما القسم الآخر فمنذُ خلقه الله وهو يندب حظه، ينتقي ألفاظه الساخطة من موسوعة إبليس، وتخلو يداه من الرزق لأنه فضل حياة الكسل والخمول.

أما القسم الثالث ما زال يتقلّب في البلاء ويتزود من الصبر والصلاة حتى يصل لمرضاة ربه برضاه بقضائه وقدره، فهو ما زال بعين الله يلقى ربه في الآخرة وقد هدأت نفسه المثخنة بجروح البلاء بعد أن تحقق وعد الله له.

قَالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: (مَا يَزَال الْبَلاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمؤمِنَةِ في نَفْسِهِ وَولَدِهِ ومَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّه تَعَالَى وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ) رواه التِّرْمِذيّ.

قد يشقّ على الكثير تحمّل البلاء ولكن يظلّ عزاؤنا تفاوت درجات البلاء، فكلّما زاد البلاء نظرنا لمن يفوقنا نصيبًا منه، ولعل ذلك السبب في تحملنا للبلاء الذي يدفع بالإنسان للكفر وجحود النعمة، وهذا أيضًا ما يجعل الإنسان يتردد في طرح سؤاله المعتاد: لماذا أنا يا رب؟



error: المحتوي محمي