في سنابس.. الاختصاصي ناصر الراشد: العمل التطوعي يبدأ من داخل البيوت

بيّن الاختصاصي النفسي ناصر الراشد أهمية دور الأسرة وتنشئتها للأبناء تنشئة اجتماعية سليمة، فالتربية تعتبر من أبرز وظائف اﻷسرة؛ حيث يتعلم اﻷبناء فيها العديد من صور التفاعل الاجتماعي، ومن هنا يمكن إبراز دور اﻷسرة في تعايش هذا التفاعل بشكل يتلاءم مع المجتمع وقيمه.

واستشهد “الراشد” بالحديث الشريف عن النبي محمد (ص): “جلوس المرء عند عياله أحبّ إلىٰ الله تعالىٰ من اعتكافٍ في مسجدي هذا”؛ وذلك لما يتمثل فيه من الدور التربوي القائم على جهد الوالدين، كما أن للأسرة الدور الكبير في تعزيز الأعمال التطوعية، بدءًا من المنزل وانطلاقًا إلى المجتمع، بصنع أجيال تتذوق حلاوة التطوع، وتعويد الأبناء منذ الصغر على حب عمل الخير، وزرع المسؤولية الاجتماعية فيهم.

وأكد على الوعي الأسري نحو التربية، لإعطائها الجهد الأكبر من خلال قضاء الوقت مع الأبناء، خصوصًا في مرحلة المراهقة وتغذيتهم بالمفاهيم والمعارف التربوية، مما يؤدي لمستويات أقل من السلوك المنحرف في الدراسة أثناء الطفولة.

وركز على إدارة الوقت للأبناء واستغلاله فيما يعود عليهم بالنفع، قائلًا إنّ دور التكنولوجيا ووسائل الاتصال في حياتهم شغلا جل اهتمامهم بالأشياء التي لا تعود عليهم بالفائدة.

وأشار من جهة أخرى إلى أنّ هناك طرقًا تربوية تعلّم وتؤهل الأبناء للعمل التطوعي يكون فيها الآباء هم القدوة الحسنة لهم في البيت.

وقال إن العمل يبدأ من داخل أسوار البيوت؛ بغرس ثقافة التعاون والتشارك فيما بين الأبناء؛ ليكونوا متكافلين متعاونين، وتحفيزهم على الانخراط في الأعمال التطوعية والمناشط الاجتماعية من خلال مبادرات الدولة ومؤسساتها؛ فالأسرة أعظم مدرسة لتخريج الأجيال.

وذكر أنه لا بدّ من تحفيز الأطفال على العمل التطوعي بتقديم مكافآت مادية أو معنوية، كما يجب العمل على تنمية روح التنافس بين الجماعات التطوعية، مما يؤدي إلى الإسراع بين الأبناء على تقديم أعمال تطوعية أفضل من الآخرين.

ونوه إلى أنه لحث الطفل على القيام بالعمل التطوعي يجب إقناعه بأهمية هذا العمل له شخصيًا ولمن يقوم به من أجلهم، وعليه أن يتعلم كيف يتعامل معهم، كما يجب توفير بيئة تطوعية محببة له باختيار المكان المناسب والعمل المناسب.

وأشار إلى دور المؤسسات في المجتمع والاستفادة من العمل التطوعي فيها، لمعالجة السلوكيات السلبية من خلال التركيز في الأنشطة والبرامج والمشروعات والفعاليات التطوعية التي ترتبط بإشباع الرغبات والاحتياجات الأساسية للشباب وإبراز دور المتطوعين تحفيزًا لهم، وخلق الفرص التطوعية بحسب المهارات التي لديهم.

وأضاف: “لقد تجاوزت المجتمعات المفهوم الضيّق للعمل التطوعي من مجرد مؤسسات وسيطة بين الفقراء إلى آفاق اجتماعية تنموية متعددة الأبعاد تبدأ من الاهتمام بالأسرة وتربية الأبناء، والتطوع في مجال تقديم الرعاية الصحية، وتتوسع لتشمل التطوع في مجالات الاستشارات الأسرية وتنميتها ورفدها بمخرجات الإبداع والتميز والنفع المستدام”.

وتطرق إلى دراسة أجريت على2681 شخصًا وكانت توضح مدى العلاقة بين العمل التطوعي في المجتمع والصحة العامة للإنسان، التي تتمثل في ستة أوجه هي؛ السعادة، والإحساس بالرضا، والثقة بالنفس، والقدرة على التحكم في أمور الحياة، والصحة الجسدية، والاكتئاب.

ولفت إلى أن هذه الدراسة أوضحت أن العمل التطوعي يُحفز وينشط الصحة العامة للفرد من جميع أوجهها الستة، والعكس صحيح، أي أنّ الأفراد ذوي الصحة النفسية والجسدية العالية يستثمرون الكثير من أوقاتهم وطاقاتهم في العمل التطوعي.

وأوضح دور الصحة النفسية على الأشخاص الذين يبدؤون يومهم بالتبسم والتفاؤل والمرح والتواصل الإيجابي مع الآخرين.

واختتم بقوله: “إنّ العمل التطوعي أثر وإثراء للشخص المتطوع، فكل عمل يقوم به عطاءٌ ونماء مجتمعي ذو أثر يراه من خلال تحقيقه النتائج العائدة للمجتمع من؛ الاهتمام والرعاية لكبار السن، وتحسين المساكن، والتشجير، وتنظيف البيئة والشواطئ، والمشاركة في الفعاليات العالمية الأخرى”، وحث على تشجيع الشباب باستمرار للقيام بالأعمال التطوعية، لأنها مسؤولية مشتركة للأهل والمؤسسات في إفساح المجال للمشاركة ليس فقط في العمل الميداني بل في التخطيط والإدارة.

جاء ذلك خلال المحاضرة التي قدّمها “الراشد” بعنوان “العمل التطوعي والحياة الطيبة” التي نظمتها جمعية البر الخيرية في قبو السادة بسنابس، احتفاءً باليوم التطوعي العالمي السعودي يوم الثلاثاء 7 ديسمبر 2021م.




error: المحتوي محمي