من الأوجام.. علي الطويل: خفة اليد مليئة بالأسرار والحكايات وانبهار الناس بعروضها جعلني أتعلمها.. وهدفي المتعة والإثارة

وسط الظلام وموسيقى حماسية وعيون تترقب ولحظات صمت وهدوء، يقف حاملًا بين يديه صندوقًا أسود اللون مستطيل الشكل يضعه على خشبة المسرح وفجأة وبخفة يده يُشعل النيران داخله ثم يقفله وإذا بلمح البصر تُضيء الأنوار ويفتح الصندوق وبحركات مدروسة تخرج منه طيور مرفرفة بجناحيها لتُحلق بعيدًا وسط ذهول المتواجدين.

أو يلتقط عملة نقدية ويخفيها داخل يده ولوهلة تختفي العملة بشكل غامض ثم تظهر بمكان آخر، وبينما يشاهد الجميع هذا الأداء وهم مدركون تمامًا أن العملة لا يمكن أن تعود مرة أخرى لكنه يبهرهم بعودتها من جديد.

أو قد يجعل أوراق اللعب تنساب كالشلال بين يديه وعلى مسافة كبيرة وفي مشهد جميل ومفاجئ للمشاهد تجد الأوراق تتطاير في الهواء بشكل مرتب وانسيابي دون أن تقع أو تغير مسارها.

خفة يد
لا تسرحوا بخيالكم كثيرًا فهذا كله يتقنه فنان في خفة اليد، شُغف بهذا الفن منذ أن كان في الرابعة عشرة من عمره، ومع «القطيف اليوم» كان اللقاء الخاص معه ليبحر في عالمه الخفي المليء بالأسرار.

التدريب الجيد
علي خميس الطويل المنحدر من بلدة الأوجام والذي يبلغ من العمر 24 عامًا، قال: “لقد أُعجبت بالأثر الذي تتركه ألعاب خفة اليد لدى الجمهور وأنا أشاهد العروض من خلال الشاشات أو المواقع الإلكترونية، وأرى الانبهار وردود أفعال الناس، فقررت حينها أن أتحدى نفسي وأتدرب جيدًا لكي أتقن هذا الفن وأُفعل يدي الخفية وأترك سعادة باهرة في قلوب الناس وأرى اندهاشهم، فخفة اليد مهارة يستطيع من يمارسها أن يطورها”، متابعًا: “انطلقت في عام 2016 بتقديم العروض على المسارح ومواجهة عدد كبير من الجماهير”.

كثير من الخدع
خفة اليد تحتاج إلى ساعات كثيرة من التدريب والممارسة المستمرة كما يرى الطويل الذي ذكر أن هناك أنواعًا كثيرة من هذه الألعاب ومنها: card magic والتي يُقصد بها الخفة بأوراق اللعب، حيث يستطيع أي فنان خفة يد أن يخدع الناس بالكثير والكثير من الخدع وذلك باستخدام أوراق اللعب وهي الأكثر انتشارًا، وclose up magic أو خفة عن قرب والتي عادة ما تتم في الشوارع مع الناس المارة وعن قرب منهم، وStage magic ويقصد بها خفة على المسرح وأخيرًا mentalism وهو فن قراءة الأفكار.

اليد الخفيفة مليئة بالخفايا
حياة صاحب اليد الخفيفة غالبًا مليئة بالخفايا والحكايات التي لا يمكن فهمها بالعين المجردة، كما يرى الطويل الذي لفت إلى أنه فعلها عن طريق القراءة في المواقع الإلكترونية العالمية المختصة في ذلك، وتطبيق اليوتيوب، ومشاهدة الكليبات ومقاطع الفيديو المصورة لمجموعة من الحركات السحرية أو الخفية، وكيفية تطبيقها أمام الجمهور، إلى أن وصل لمرحلة احتاج فيها أن يطور نفسه لمستوى ثانٍ.

استغلال الجائحة
وواصل تطوير نفسه حتى في فترة الجائحة حيث استغلها بالالتحاق بدورة عن بُعد وحصل فيها على الشهادة.

المضمون غير الاعتيادي
النجاح من وجهة نظر الطويل يعتمد على المضمون غير الاعتيادي في الحياة الطبيعية للأشخاص وخلق أجواء من الدهشة والتتبع لما سيحصل في كل عرض، مبينًا أنه مهما تكررت الحركات ونماذج الألعاب الخفية تبقى مُلهمة ومدهشة.

مهارات فنان
وأكد أن فنان خفة اليد يمتلك مهارة حركية وحدسية وفنية؛ حيث يستطيع أن يُمارس حركات خفة اليد بخفة أدائه بأن يُقنع المشاهدين بمدى حقيقة حدوث ما قام به وفي نفس الوقت لا يتوقعه كإخراج المناديل وإخفائها أو القطع المعدنية.

وبيّن أن أغلب ممارسي ألعاب الخفة يقدمون عروضها في المناسبات والفعاليات والمهرجانات الترفيهية والتسويقية، مُصنفًا الأطفال من ضمن الأكثر مشاهدة لهذة الفعاليات وترقبًا لها، لكونهم يؤمنون ببراءة أنها تتجاوز مفهوم اللعبة الخفية إلى ممارسة واقعية وخارقة، لذا يحب تقديمها للأطفال وهو يرى تفاعلهم بقوة وفرح.

وأشار إلى أن أكثر ما يركز عليه أثناء العرض هو كيفية جذب المشاهدين وكيف يتم تعايشهم مع العرض، منوهًا بأن الخداع البصري يختلف عن خفة اليد، حيث إن الخدعة البصرية غالبًا ما تكون صورة أو فيديو يخدع العقل والعين معًا فتُرى أشياء غير واقعية.

وعند سؤاله؛ هل واجهت نقدًا سلبيًا وعدم تقبل من المقربين لك؟ أجاب بأنه في بداية مشواره لم يتقبلها الجميع، لأنها كانت فريدة من نوعها ومختلفة ولكن مع الوقت تقبلها الجميع، رغم أن غير المقربين كانوا يُسيؤون الظن بالشيء الذي يقدمه لقلة فهمهم، ويحذرونه منه ظنًا منهم أن هذا سحر وحرام.

أخطاء يتداركها بالإبهار
وتذكر الطويل مواقف حدثت له وكيف استطاع أن يتداركها، ومنها في بعض العروض عندما كان يخطئ في خدعة ما مبينًا أن الشيء الجميل في خفة اليد أن من قواعدها الأساسية عدم الكلام والتزام الصمت التام أثناء عمل الخدع وعدم التحدث عن ماذا سيفعل تاركًا يده هي من تتكلم، لذلك قد تحصل أخطاء ولكن لأن الجمهور لا يعرف ماذا سيحدث يتم تدارك الوضع، ولكن أحيانًا يُلاحظ الجمهور هذا الخطأ في الخدعة ليأتي دوره في معالجة الموقف بكيفية إبهارهم بأقوى خدعة لينسيهم هذا الخطأ ويترك انطباعًا قويًا لديهم.

يذكر الطويل أنه لم يتعرض أثناء قيامه بالخدع إلى موقف خطير، ولكن أثناء التجهيز لأحد العروض كان على وشك التعرض لبعض الحروق.

مميزات ونتائج
وبيّن أن هذه الموهبة قدمت له وأضافت لشخصيته الثقة في التواصل مع الغرباء وإتقانه للغة الجسد، فقام بتقديم الدورات التدريبية مع برنامج “مبادرون” في الأوجام بما يُقارب الثلاث سنوات، وبرنامج خاص اسمه “إبداع”، مشيرًا إلى أنه دائمًا يسعى للتطوير والتجديد، وتحقيق حلمه بأن يمتلك مسرحًا وطاقمًا خاصًا.

مشاركات
شارك في مهرجانات كثيرة ومنها مهرجان الصفا للغة الإنجليزية لأكثر من سنة وفعاليات كثيرة ومختلفة وحفلات خاصة في معظم مناطق المنطقة الشرقية.

وشرح أدوات فن خفة اليد مبينًا أنها كثيرة ومنها الكور الإسفنجية والحبال والعملات النقدية والمعدنية وأوراق اللعب، لافتًا إلى أن مدة العرض تتراوح ما بين 40 دقيقة إلى ساعتين.

وبالنسبة للإضاءة والموسيقى بين أنها تكون إضافية لتُدخل الجمهور في أجواء رائعة وتُساعد في تقديم العرض مشبهًا إياها بالبهارات عند إضافتها للأكل لتعطي له نكهة ألذ.

وأكد أن عدم امتلاك القدرة على قراءة الأفكار ولغة الجسد لا يؤدي إلى فشل الفنان، لأنه مع الوقت سيكتسبها، مضيفًا أن مساعد فنان خفة اليد عندما يفعل حركات بهلوانية يضيف للعرض السلاسة بين الخدع.

وفي النهاية شكر جميع الشخصيات المساندة له والداعمين له معنويًا والذين قاموا بتشجيعه للمواصلة والاستمرار بدءًا من أهله وأصدقائه المقربين ولاسيما مصطفى آل سلمان وجواد المؤمن، إضافةً إلى “مبادرون” ومعلم اللغة الإنجليزية علي الحسن الذي كان له دور في منحه فرصة تقديم العروض في صفوى.

ووجه رسالة منه ومن كل فنان خفة يد للجمهور قائلًا: “العالم سيكون مكانًا أفضل إذا الناس كانوا مستعدين لقول “لا ندري”، فنحن لا نحاول أن نخدع الجمهور أو نوحي له بأنه لا يفهم ونحن أذكياء، بل نحاول أن نمتعه ونثير حماسه ويكون عنصر المفاجأة سرًا نحتفظ به لنشعرهم بالسعادة والإثارة والهدف من هذا كله هو الترفيه”.




error: المحتوي محمي