صيتُ الشذى.. في رثاء الشيخ عباس المحروس رحمه الله

سـأرثـيـكَ لـكـن بـالـقداسةِ والـطُـهرِ..
وأنـعـاكَ سـلسالاً تـرقرقَ فـي شـعري..

تــوضـأ مــنـكَ الـفـجـرُ نــورَ بُـزوغـهِ
كـأن سـناكَ الـغض يُـشرقُ فـي الـفَجرِ

رحـلـتَ مــع الإغـسَاقِ شـمسَ وداعـه
كـــأن الـعـشَـايا يـمـمـتكَ مــع الـبـدرِ

فـصِرتَ الـشذى يُـستافُ حـينَ سُـموّه
يـكرَّرُ فـي الأصـداءِ مـن عـاطرِ الـذكر

اتـذكـر يــا جــار الـندى أربُـعَ الـندى؟
أمـا كُـنتَ فـي الاحـدَاقِ تَـلمعُ كـالدّرِ؟

اتــذكــر أعـــواداً رقــيـت ومـنـتـدىً
تَــنـوّرُ بـالإحـسـانِ والـخـيـرِ والـبـرِ..

سَـقَـيْـتَ مـريـديـك الـهـيـامَ مـدامـعاً
فـطافَ على روضي وفاضَ على زهري

وكــم كُـنـتَ سَـقـاءً لـظـامئ جَـدبـهم
فـكانوا الـعُطاشى الـوالهين إلى النهرِ..

ومـــا أنـــا فـــي نـاديِـكَ إلاّ مـتـيمٌ..
تــرنَّـمَ بـالـصوتِ الـرخـيمِ وبـالـسِحرِ

وصـوتُـك ايـقـاعٌ تـوغـلَ فــي الـمَدى
يُـمـوسِقُ بـالأشـجانِ تـرنـيمةَ الـطُـهرِ

ومـن عَـشِقَ الـمولى كـعشقِكَ مُـخلصاً
اتــى بـبـديع الــدُرِ يُـلـفظُ مـن بَـحرِ..

تُـخِـيطُ سـتارَ الـحُزنِ فـي كـلِّ عَـبرّةٍ
تـزررهـا بـالـطيبِ والـمِـسْكِ والـعِـطرِ

وتُـتُـبِـعُـهـا قَــــولاً بَـلـيـغـاً وعِــبــرةً
مـنـمـقةً بـالـشـعرِ مـحـبـورةَ الـنـثرِ..

فـكـنتُ الـصـبيَ الـغِـرّ اَعـشَـقُ أحـرفاً
تـطرِّزهّا فـي الروحِ والقلبِ من صُغري

وحـتـى انـبـلاجَ الـفـكرِ رُحْـتَ تـضمهُ
لـشمسِ هـدىً تـخشى عـليهِ من الغَدرِ

تـذكـرنـا بـالـوحـي، بـالـنـورِ، بـالـهدى
فـنـصدرُ عــن مَـغْنَاك بـالوعي والـفِكرِ

وتـلـقى طَـلـيقَ الـوَجـهِ أنـفسَ إخـوةٍ
تَـصُوغُ لـهم أن الـوجَاهةَ فـي الـبُشرِ..

فــيــالـجـمـالٍ كُــنــتَــهُ ومَــلــكـتَـهُ
عـلـوتَ بـه هـامَ الـسحابِ بِـلا فـخرِ..

وكــيـف تُــزكـي؟! والــفـؤادُ زهَـــادَةٌ
جُـبِـلْتَ بـها؛ والـفخرُ مـن سُـننِ الـفقرِ

أبـــا فــاضـلٍ مــا لـلـفضائلِ أودعــت
بـأكـمامِها، والـتِـبر أرقِــدَ فــي قّـبـرِ !!

لــقـد ضَـمـن الـقـبرُ الـسـعادةَ بـعـدما
نـزلتَ بـه رِبـحاً وقَـد كـان فـي خُـسْرِ

فـمـن يُـسـرِجُ الأشـجانَ بـعد خُـفوتها
ويـذكي لـهيبَ الـطفِ بـالنّدِّ والـجمر؟

فـحـسبك ذكــرُ الـدارِ ايـقونة الأسَـى
لـتـتـبعها الأرزاءُ بـالـعـينِ والــصـدرِ..

مـصـائـب لـلـزهـراءِ تـتـلـو فـصـولَـها
فـتنعى، وتـنعى، والـبكاءُ إلـى الـحشر

وحـسبُكَ ذكـرُ الـسبطِ فـي يـومِ كربلا
وتـلك الـمٱسي الـمعولاتِ على النّحرِ..

ولـــو كــنـتَ تـتـلـو لـلـسبايا رزيــةً..
فـوالهفتا تـطغى عـلى غُـصصِ الدهرِ..

رزايـا تـذيب الـصخرَ فـالروح تصطلي
بوجدٍ وليس القلبُ في قسوةِ الصخر..

فـواسـفا يــا نـاعـي الـطـف فـالـحشا
تـجـرّع بـالٱهـاتِ مــن لاعـجِ الـصَبرِ..

مـضـيـت حـمـيداً زاهــداً ذا فـضـيلةٍ
ولاسـمكَ ومـضٌ فـي مـجامِعنا يسري

حُشرت مع الأطهارِ في جنة العلى
بـجـنة عــدنٍ حـيث أنـهارُها تّـجري..

سـتـبقى كـمـا مــرَّ الـجـديدان كـوكباً
سـجـايـاك تـتـلى بـالـثناء وبـالـشكر..



error: المحتوي محمي