أي رجل فقدتِ يا أرض القطيف!!

عندما يرحل أحد الشيوخ العظماء ورجال الدين ينقص الكون من أركانه!! وهنا لا أرثي اليوم رجلاً عادياً أو شخصاً عابراً أو حتى رمزاً دينياً، من الصعب رثاء قامة دينية كقامة سماحة الشيخ الفاضل عباس المحروس، الذي أفنى حياته في سبيل الخدمة الحسينية والذي منحها الكثير الكثير، لذا ينبغي أن أنعى وأعزي أهل القطيف برحيل سماحة العلامة الفاضل أبو فاضل الشيخ عباس بن علي المحروس، تبكيك القلوب وتنعاك المساجد والمجالس الحسينية وترثيك تراب أرض القطيف، التي تطأها قدماك وأنت في خدمة أهل البيت.

اليوم تفتقد القطيف كثيراً “الرجل الشيخ” الذي خدم المساجد والمجالس الحسينية حيناً من الدهر، وبفقد هذه السمة والعلامة الفارقة في المنبر الحسيني نكون قد فقدنا شيخاً وعالما؟ لن يجود الزمان بمثله ولن يتكرر!! لقد بكيت عند سماعي خبر رحيل الشيخ، رغم أن حزني على شقيقي حسن لا يزال طرياً وموجعاً!! ولكنني وجدت نفسي مندفعة بعدها بمزيد من الدموع، وأنا أشهد عدداً من الكتاب يكتبون معبرين بالمشاعر وبكلمات الرثاء عن حزنهم الشديد لوفاة الشيخ الجليل!! حيث رحل الشيخ عن الحياة بصمت، وضجيج بكاء المعزين كان متأججاً بالدموع الساخنة!!

نعم لقد سبقني الكثير في الكتابة عن سماحته، رغم أن لهذا الشيخ انطباعاً استثنائياً خاصاً في ذاكرتي ومخيلتي منذ الصغر، حيث كنا نعيش في حي واحد حي باب الشمال، وهنا لا أجد نفسي في الكتابة الحتمية عن سماحته وذلك لعدم اتساع المجال أمامي للإسهاب في الحديث عن سماحته فالكثير كتب عنه! ما زلت أتذكر سماته الخاصة وميزاته الرائعة منذ صغره من تواضع واتزان بل آداب رفيعة، ولقد عرف عنه اعتداله ووسطيته في بعض المواقف حيث يتمتع بحس اجتماعي مسؤول.

كان سماحته نوراً للقطيف وأهلها ويد خير بيضاء ممتدة بالعطاء، كان كثير التسامح واسع الصدر قل وجوده، ولأجل ذلك فقد نال احترام الجميع وهو بحق مثال رجل الدين الذي نفخر به.

إذا أردت التعرف بحق على سيرة الشيخ المحروس، فما عليك إلا أن تستمع لمجتمع القطيف، الذي نهل من معين تجربته الحسينية الممتدة وعمق فكره الواسع الذي لا ينضب، الشيخ المحروس جسد انتماءه لدينه ومذهبه عبر مسيرته وتاريخه الحافل الذي لم يعرف التردد والتراجع.

فليرحم الله الشيخ الفاضل عباس المحروس وليشمله برحمته ومغفرته.



error: المحتوي محمي