الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي يترعرع فيها الأبناء ويفتحون فيها أعينهم وفي أحضانها يشبون ويكبرون ويستطيعون الاعتماد على أنفسهم.
التعاليم الإسلامية تدعو إلى تربية الفرد على الاحتمال والعفو والصبر عند الشدائد، وكظم الغيظ، وهذه الآداب السامية حث عليها المربي الأول نبي هذه الأمة محمد صلى الله عليه وآله، بأسلوب تربوي قرآني لجعل الفرد المؤمن مثالًا يقتدى به.
الآداب تتغير من زمن لزمن حسب ما يتوافق عليه الناس، فما هو مقبول عند الآباء قد لا يكون محببًا عند الأبناء.
أما الأخلاق فهي صفات نفسية لا تتغير من جيل إلى جيل فالجود والكرم والسخاء صفات حميدة في الزمن السابق وفي الزمن الحالي وفي الزمن اللاحق بخلاف الآداب.
يقول الإمام علي عليه السلام: “لا تقسروا أولادكم على آدابكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم”.
لا شك أن الولدين يريدان أفضل حياة لأطفالهما من تربية آمنة ومريحة لذا يتعين عليهم أن يوازنوا بين حياتهم المنزلية وعملهم في هذا الزمن، حتى يضمنوا تربية وبيئة آمنة ومريحة ليشعر أطفالهم بالاهتمام اللازم والتعليم السليم والمهارات الحياتية الأساسية.
مع استمرار تطور أساليب الحياة والتربية الحديثة للجيل الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي المخيفة في أكثر الأحيان، قد لا يصبح الأبوان مثاليين لتربية أولادهما خاصة في العالم الحديث، سريع الخطى الذي نعيش فيه، لذا يجب على الوالدين مواكبة الزمن ومعرفة ما هو مناسب أو غير مناسب لأطفالهما.
تعتبر السنوات الثلاث الأولى للطفل أمرًا حيويًا في نمو دماغه، وذلك لأن أدمغة الأطفال أكثر نشاطًا من الشخص البالغ العادي، وتشكل أساسًا لنموه البدني وفكره العاطفي إلى مرحلة البلوغ.
ونظرًا إلى حياتنا الحديثة المحمومة والمتعبة، فقد يكون من الصعب العودة إلى المنزل في الوقت المناسب وتناول الطعام مع الزوجة والأطفال، ناهيك عن اللعب أو قضاء وقت ثمين معهم، لذا يجب استخدام طرق بديلة لمنحهم الاهتمام الذي يحتاجونه؛ على سبيل المثال: تخصيص عطلة الأسبوع كاملة لقضائها معهم والاستماع إلى مطالبهم وهمومهم واللعب معهم حتى يشعروا أنهم يحظون بالاهتمام والرعاية مما يؤدي إلى حل مشاكلهم وتقويم سلوكياتهم.
قيام أحد الوالدين نيابة عن الطفل بالمسؤوليات التي يجب عليه القيام بها يحرمه من اتخاد القرارات في المستقبل وهو أسلوب بلا شك يؤثر سلبًا على نفسيته وشخصيته فينمو بشخصية ضعيفة غير مستقلة يعتمد فيها على الغير في أداء واجباته الشخصية وليس لديه القدرة على تحمل المسؤولية.
دع طفلك يسأل عما شاء إلى أن يصبح رشيدًا وتحمل لجاجته وكثرة استفساراته وأسئلته حتى لو كان فيها حرج لك. الإهمال أو الإساءة له في زمن الطفولة أحد أسباب العجز في التعبير عن المشاعر والتعريف بشخصيته بالشكل الصحيح في المستقبل.
عندما يسيء الطفل إلى والديه وهما يضحكان ولا ينهيانه عن ذلك الفعل، بينما إذا أساء أمام الآخرين يوبخ على ذلك الفعل وهنا تنمو لدى الطفل شخصية متناقضة. لهذا يجب أن ينمو الطفل ويفهم أن الإساءة ممنوعة في أي مكان حتى لا تختلط عليه المفاهيم.
من السلبيات المؤثرة على نفسية الطفل هي التفرقة بينه وبين إخوته من دون تفسير لذلك الفعل وتجعل منه شخصية سلبية ومعادية.
نحن قد تربينا في زمان كان التعاون الاجتماعي سمة ذلك المجتمع وكان للأقارب دور كبير في المساعدة أثناء عملية التربية، لأن معظم العوائل كانت تعيش في بيت العائلة الواحد وبذلك كان الكل يتشارك في تربية الأطفال ويكتسب أولادهم من نفس آدابهم وصفاتهم.
أما في هذه الأيام، مع الاستقلالية الأسرية التي سادت المجتمع فصار العبء يقع على كاهل الوالدين في التربية والأخلاق، وأيضًا وسائل التواصل الاجتماعي والمدرسة لها دور في التربية.
يلاحظ أن المراهقين هم الأكثر حساسية وعادة ما يتجنبون الوالدين دائمًا عند تقدمهم في السن، لكنهم بحاجة إلى شخص ما للتحدث معهم على الرغم من سلوكهم أثناء مرحلة المراهقة، لذا ينصح بكسب ثقتهم والتقرب منهم للتعرف على معاناتهم وإبداء النصح والتوجيه بأسلوب شيّق وحديث.
وضع قواعد وتوجيهات للمنزل ليست طريقة سلبية للتربية، مثل تلك القواعد التي تعود الأطفال على الالتزام على تطبيق الأوامر والانضباط، وتساعدهم عندما يكبرون وينخرطون في كسب رزقه.
مما ورد عن الإمام علي عليه السلام قوله: “ينبغي للعاقل إذا علم ألا يعنف، وإن علم ألا يأنف”. و”لا أدب مع غضب”. و”لا تكثر العتاب؛ فإنه يورث الضغينة ويجر إلى البغضة، واستعتب من رجوت
إعجابه”.
نهايه القول: الحديث عن تربية الأولاد يطول، لكن أردت أن أتعرض إلى البعض منها للاستفادة؛ حسب فهمي، والله الموفق إلى سواء السبيل.