كان بيني وبين أحد الأصدقاء (نسيب) حديث وقد صار لنا مدة طويلة من السنين لم نر بعضنا. ودار بيننا الحديث والسؤال كما هو معتاد عن أحوال كل من الآخر، وفي أثناء الحديث وردت جملة أو عبارة أثناء الحديث جعلتني أتذكر إحدى المسلسلات الكويتية وكان اسمه (شريب بزه – 2002) وهو من تأليف وتمثيل حياة الفهد. وما كان يشدني في ذلك المسلسل هو مقدمته التي تقول: دقينا الوتد دقيناه والحظ اللي خمد صحيناه.
الوتد: ما ثبت به الشيء مثل الخيمة ونحوه، والمعنى الأهم هو ربط الأشياء ببعضها على سبيل المثال (وتد) الصداقة أو النسب أو حتى العلاقات الدولية بين الدول لابد لها من رابط قوي تعتمد عليه ولهذا قيل توثيق العلاقة أي تثبيتها. وقيل علاقة راسخة بما معناه: (الركز العميق للوتد في الأرض).
والعلاقات بين الأشخاص أو الجماعات تبدأ من الصدفة أو علاقة مؤقتة كالسفر أو حضور اجتماع، فإما أن تتطور أو تنتهي بانتهاء السبب. ولكي تستمر تلك العلاقة تحتاج إلى رابط وهو (وتد) قوي أخوي أو إنساني أو إيماني راسخ وليس علاقة مادية / مصلحية.
وحتى العلاقة الزوجية تحتاج إلى مقومات كما ذكرها القرآن الكريم (جعل بينكم مودة ورحمة) وباقي الأشياء مكملة لـ(الوتد) فإذا ماتت (المودة والرحمة) انقلع الوتد وانفرطت العلاقة الزوجية وصار مصيرها إلى الطلاق.
الاستمرار – يأتي بالالتزامات المتبادلة ولا شك ولا ريب أن النمو المستمر للعلاقة وتطورها سيحدث في أثناء هذه الفترة طالما هناك ثقة متبادلة وهو أمر ضروري للحفاظ على العلاقة.
ليس حتميًا أن المشاكل تفرط العلاقة، والمشاكل قد تحدث بسبب الملل أو الاستياء أو عدم الرضا أو ضعف الثقة
ولكن لا خوف عليها إذا وجد من يقوض تلك المشاكل ويعيد العلاقة إلى مسارها الصحيح.
نعم (دقينا الوتد دقيناه والحظ اللي خمد صحيناه)!
وأكبر (وتد) ثابت وعظيم هو العلاقة بين الله تعالى وعبده وهي علاقة خاصّة يجب أن يراعي فيها المسلم آدابًا ومسائل كثيرة في تعامله مع ربّه جلّ وعلا، وإنّ كيفيّة التّعامل مع الله سبحانه ترتكز على أسسٍ أذكر منها: إيمان العبد بأنّ الله سبحانه وتعالى هو وحده صاحب الكمال المطلق، وهو سبحانه وتعالى يمتلك من الصّفات ما يجعل الإنسان يطمئن أنّ كلّ ما شرعه هو لمصلحة هذا الإنسان.
وفي الختام أقول: الحمد لله رب العالمين نحن قد ثبتنا (الوتد) بولايتنا لمحمد وآله صلى الله عليه؛ نسأله سبحانه وتعالى أن يثبتنا بالقول الثابت في الدنيا والآخرة.