عرض اللاعرض!!

تمر علينا بعض التواريخ والمناسبات خلال العام والتي تكون فترة تسويقية لبعض مراكز البيع والمتاجر، والتي تستغلها لتطرح فيها عروضها التنافسية حيث تأخذ عنوان التخفيضات.

ولجاذبية عناوين العروض والتخفيضات، فإنها شعارات تجذب الغني قبل الفقير لتلك الأماكن حتى لو كان الزحام فيها قاتلًا للأنفاس.

لكن دعونا نفكر قليلًا ونتروى قبل الشراء منها ونرتدي رداء التحقيق والتحقق من صحة هذه العروض والتخفيضات قبل الذهاب لها والابتياع منها، لنتأكد هل هي صحيحة أم هي طُعم تصطادنا بكلمة عريضة ولون أحمر يبرزها للعين مع نسبة لا تتناسب مع سعر وهمي مخفض.

فبآخر مناسبة مرت علينا والتي عمِل لها كثير من المتاجر والمحلات عروضًا وتخفيضات كانت مناسبة اليوم الوطني، ولا أعلم إن كان البعض لاحظ أن كثيرًا من المنتجات أو الخدمات كانت بسعر أقل قبله وبقدرة قادر أصبحت بسعر 91 ريالًا ومضاعفاته فقط ليجاري رقم مناسبة اليوم الوطني وكأنه عرض لا يفوت وخصم لا نظير له!!
.
ربما نحتاج أن نكون متابعين جيدين لأسعار الأسواق لأن ظروف الاقتصاد بشكل عام باتت متغيرة عن الأزمان السابقة وتتطلب منا الاقتصاد والتوفير الحقيقي لا الوهمي.

فكم يُغرينا ذاك السعر المشطوب بالأحمر أسفل السلع، والذي يوهمنا بالفارق كبير للسعر بعد التخفيض، لكن لا نعلم أن هذا السعر الجديد أعلى من السعر السابق واقعًا وليس مخفضًا بالأساس، لكنه يعتمد على جهل المستهلك بالأسعار.

قد يكون هناك رقابة على الأسعار والعروض حتى لا تكون وهمية، لكن قل لي هل تستطيع وزارة التجارة معرفة كل عروض المحلات والمتاجر الإلكترونية بل حتى المشهورة منها؟

لا أظن ذلك للأسف، وكيف لها بمعرفة هذا الكم الهائل من العروض والتدقيق عليها إذا لم يكن المستهلك نفسه هو طرف مساعد لها في إيجاد المواقع التي تستغفل المستهلك وتخدعه؟!

وإذا كنا نخشى من قطع رزق البعض حين نمتنع عن الشكوى عليه، فأقل شيء نعمله للتأثير هي المقاطعة، ولا تقل لي مقاطعتك لا تسبب تأثيرًا، فأنت لوحدك تمثل رقمًا، فكيف اذا كانت عائلتك معك فستكون أرقامًا مؤثرة لمنع شيء فاسد من التمدد والبحث عن بدائل أفضل لكم.

أتعلمون ما هو السبب الأساسي لرفع الأسعار؟

فبعيدًا عن الإيجارات الخانقة، فإن رضا الناس بالأسعار هو سبب لاستمرارها وزيادتها بكل مرة.

فكم مرة ذهبنا لمطعم أو لمحل بيع ووجدنا أن سعر المنتج الذي اعتدنا عليه ارتفع عن السابق دون سبب مقنع، ورضينا به ودفعنا بدون أي اعتراض عليه، لا بل وكررنا الشراء وكأننا نصفق له وندعم ازدياده، فهل لنا أن نطالب البائع بعدها بالبقاء على تسعيرة واحدة ونحن نستمر بالدفع للزيادة؟

خذ مثالًا أسعار المقاهي، فكم مرة ذهبت لمقهى مع أصدقائك أو أقاربك ودفعت لشيء مبالغ بسعره وأنت صامت فقط تجنبًا للإحراج وحتى لا تصاب بدعوى البخل، لكن من قال إن من لا يدفع هو بخيل أو حتى فقير لا يستطيع الدفع، لا بالطبع لأنه قد يملك ما يكفي من المال لكنه سيدفع بعقل وبالمعقول ولا يريد تشجيع هذا الازدياد من الغلاء.

البعض يرى أنه لا ضير من الدفع وأخذ جرعة من الوناسة المُكلفة، رغم أني أشك أحيانًا ببقاء أثر هذه الوناسة بعد تلقي الفاتورة لأنن سيغص فيها.

وأظن أن البعض قد ينسى أن هذه النقود المصروفة سوف نُسأل عنها فيما صُرفت إذا وصلت للتبذير، إضافة إلى أن الرضا بارتفاع الأسعار غير المعقولة هو دعم لاستمرارها، وسنكون نحن طرفًا في ظاهرة تثقل كاهل من لا يستطيع الدفع لاحقًا.

مشكلتنا أننا لا نريد البحث الكثير وليس لدينا صبر ونقنع بصاحب السعر المرتفع ولا نريد البحث عن غيره الذي يكون ذا سعر أفضل، كذلك الحال بالتخفيضات والعروض نحن لا نكلف أنفسنا عناء البحث والتنقيب عن السعر المخفض حقيقة ليكون لنا حقًا عرض وليس عرض اللاعرض.

فقط علينا تذكر شعور أننا خُدعنا بعض الأحيان حين نشتري سلعة بوقت العرض ونجد من أشتراها بسعر أقل وبدون عرض!

بالختام أقول ونحن على مقربة من عروض الجمعة السوداء والتي ينبري لها الكثير من المتاجر الإلكترونية والمحلات، حيث تكون بنهاية شهر نوفمبر الحالي، أتمنى أن لا تخدعنا غيمة هذه العروض ولنستمطرها بالتدقيق من الآن على أسعار الأشياء التي نود شراءها أو نتوقع شراءها لنقارنها لاحقًا بالعروض لنجد الفروق العشرة فيها ونكتشف العرض من اللاعرض.



error: المحتوي محمي