القطيفيون: كلابهم جبانة!

لو تريث القارئ الكريم قليلًا، سوف لن يجد في العنوان منقصة أو مذمة – لا سمح الله – بل سوف يجد العكس من ذلك!

استضافني صديقٌ على مائدة إفطار وكان كريمًا جدًّا. كنا ثلاثة أشخاص والإفطار يكفي عشرة، فقلت له بأنه لو ربَّى كلبًا لأصبح الكلبُ جبانًا، فلم أر صديقي فهِم المدحة أو ارتاحَ لها! فذكرتُ له أنها مدحة جميلة. يمدح العربُ فلانًا بأنه “جبان الكلب” ويعنون بذلك أنه مضيافٌ كريم، لأن كلبه شبعان واعتاد قدومَ الضيوف في كلِّ وقت، فهو لا يَنبحهم، كأنه جبان. أما البخيل فكلبه جائع، وينبح الضيوفَ لأنه غير معتاد عليهم.

أما جبن كلابِ القطيفيين فهو بيّن واضح، أَبوابهم مشرعة ومجالسهم عامرة، وفي كلِّ زمانٍ للضيفِ تِرحاب وإكرام، إذا ذكر الجودُ فهم أهله وإذا ذكر الكرمُ فهم أصله.

وما يكُ فيَّ من عيبٍ فإني … جبان الكلبِ مهزول الفصيلِ

في بيت الشعرِ أعلاه يفتخر الشَّاعر بأن كلبه جبان – معتاد على رؤية الضيوف – وفصيلُ ناقته هزيل لأنه محروم من لبن الناقة، إما لنحرها للضيوف، أو إكرامهم بلبنها.

حسان بن ثابت يقول:
يُغشون حتى ما تهرّ كلابهم …. لا يسألونَ عن السوادِ المقبلِ

شاهد آخر على جبن كلبِ الكريم قول حاتم الطائي:

إِذا ما بَخيلُ النَّاسِ هَرَّت كِلابُهُ .. وَشَقَّ عَلى الضَيفِ الضَعيفِ عَقورُها
فَإِنّي جَبانُ الكَلبِ بَيتي مُوَطّأٌ .. أَجودُ إِذا ما النَّفسُ شَحَّ ضَميرُها
وَإِنَّ كِلابي قَد أُهِرَّت وَعُوِّدَت .. قَليلٌ عَلى مَن يَعتَريني هَريرُها

الكرم من صفات المؤمن التي امتدحها رسولُ الله صلى الله عليه وآله في حاتم الطائي حين قالت ابنته سفانة للنبي صلى الله عليه وآله: يا محمد إن رأيتَ أن تخلي عنا ولا تشمت بنا أحياءَ العرب، فإني ابنة سيِّد قومي وإنَّ أبي كان يحمي الذمار ويفك العاني ويشبع الجائع ويكسو العاري ويقري الضيف ويطعم الطَّعام ويفشي السَّلام ولم يرد طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم الطائي، فقال لها النبيّ صلى الله عليه وآله: يا جارية هذه صفة المؤمن حقًّا، لو كان أبوكِ مسلمًا لترحمنا عليه، خلوا عنها فإنَّ أباها كان يحب مكارمَ الأخلاق.



error: المحتوي محمي