علموا أولادكم الرياضة!

اضطر غنيّ وفقير أن يناما في الصَّحراء في ليلةٍ شاتية باردة. قال الغنيّ: أنا عندي جلد كبش تدفيئني، وقال الفقير: أنا سوف أحرك الأحجار وأقطع الأرض مشيًا. فلما تراءى الصباح، كان الغني ميتًا من البرد في جلدِ الكبش والفقير بخيرٍ ونشاط.

تزدان الميادينُ والواجهاتُ البحريَّة كلَّ يوم بالمشاة – ذكورًا وإناثًا – ومن كلِّ الفئاتِ العمرية. من يلومهم؟ فبعد صيفٍ طويل، ها هي الأجواء تبرد قليلًا قليلًا. فمن شبَّان وشابَّات يحاولون الاحتفاظَ بالقوام الرشيق، وكهولٍ يطمحون إلى استرجاع ما فات والمحافظة على ما بقي، هكذا الحياة، وأجمل المناظر مشي الأزواجِ جنبًا إلى جنب.

لكن المشي مع جماله ومنفعته لا يكفي لأن يكونَ رياضةً شاملة، إذ لا تكتمل الفائدة دون التمارين وبعض الفعاليَّات الجسديَّة التي تتحدى قوة الإنسان وتوازنه. ولا تكتمل اللياقة دون العمل لتقوية العضلات وإبقائها في حالةٍ تمنعها من الانحدارِ المستمر مع تقدم العمر.

قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: “علموا أولادكم السِّباحة والرِّماية”. وإن تغيرت أدواتُ الرياضة والصحبة والزمان، إلا أن الوصية لا تتبدل في صحبة الأولاد وتعليمهم صنوف الرِّياضات، لا تعليمهم الكسل والنَّوم والخمول.

“إنَّ اللهَ يُحِبُّ الرَّجُلَ القَويَّ”.
“المُؤْمِنُ القَويُّ خَيرٌ وَأحَبُّ مِن المُؤمِنِ الضَّعِيف”.

وغيرها من عشراتِ الأحاديث الجميلة التي تحثّ على الرياضة، وأنها ليست من اللهو إن كانت في تقوية الجَسد واستخدامه فيما خلقنا الله لنستخدمه فيه.

زبدة الكلام: تتَفتح شهيَّة الجسم على الحركة في مثلِ هذه الأشهر، فمن يجد له متسعًا من الوقت – وإن ساعة في اليوم والليلة – فالبَركة في الحركة، ومن استطاعَ أن يضمَّ للمشي حمل أحمال وغيرها من الرِّياضات فذلك أكبر منفعة وأشمل فائدة لكلِّ أعضاء الجسم. ومن تجربة خاصة، أرى أصحابي الذين يمارسون حصَّةً من الرِّياضة اليوميَّة، هم أكثر نشاطًا وحيويَّة، وأعمارهم تبدو أصغر من الذين لا يمارسون الرِّياضة والنَّشاط الجسدي.

إلى أصدقائي كبار السن: وجدت الدِّراسات العلميَّة أن الكتلة العضلية تنخفض بنحو ٣ إلى ٨٪ كلَّ عشر سنوات بعد الثلاثين من العمر، ويتسارع الانحدار بشكلٍ أكبر بعد الستين من العمر. وهذا التّناقص الرهيب في الحجم العضلي هو مسبب رئيس في الإعاقاتِ الدَّائمة عند كبار السن.



error: المحتوي محمي