يحكى أن عالمًا كان عنده تلميذ من ألمعِ التلامذة إلا أنه كانَ فقيرًا مدقعًا. خرج التلميذُ النابغة من الدرسِ يومًا وفي جيبه درهم ونصفَ درهم من المال. اشترى خبزًا بدرهم واحتارَ ماذا يشتري بالنصف الباقي. خطر في باله أن يشتري صرَّة فجل، وهكذا ذهب إلى البقال وطلب منه صرَّة فجل، وكان ثمنها درهم كامل!
ساومَ التلميذُ البائعَ على أن يعطيه نصف صرَّة الفجل بنصف الدرهم، ولما أبى قال للبقال: أعطيك علمي الذي أعرفه، مسألة من هنا أو معلومة من هناك تفيدك في حياتك! فقال له بائعُ الفجل: لو كان علمك ينفع لما احتجتَ لنصفِ درهم تشتري به صرة فجل!
ما حصل للتلميذ والبقال يحصل في حياتنا ومن حولنا – وربما لنا أيضًا ـ لا نعرف قدر العالم. والأسوأ أننا نقوم ونصفق للجاهل. فكأننا نقتل العالِمَ مرَّتين – واحدة أن نجهله وأخرى أن نصفق ونحترم الجاهل – فإذا ظننتَ يومًا ما أنَّ قيمتك تساوي ذهبًا، فلا تذهب للبقال أو بائعِ الأحجارِ الرَّخيصة. ألم يقولوا عن النبيّ محمد النبي صلى الله عليهِ وآله وسلم: شاعر ننتظر به الموت حتى يموت فنستريح منه {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ}، وقالوا عن نوحٍ عليه السلام: هو مجنون وازدجرَه الجن، فليس ما يقول هو من الوحي السماويّ في شيء {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِر}؟!
قال النبيّ صلى الله عليه وآله: “ارحموا عزيزَ قومٍ ذل، وغني قومٍ افتقر، وعالمًا تتلاعب به الجهال”. وفي الحديث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ثلاثة يشكون إلى اللهِ عزَّ وجل: مسجدٌ خراب لا يُصلي فيه أهله، وعالمٌ بين جهال، ومصحف معلق قد وقع عليه غبار لا يُقرأ فيه.