دعوة للتفاؤل

صباح الأمل و التفاؤل أيها القراء الكرام و تحية لكل من يرفع إسم القطيف عاليا, أحاول أن أتجول في داخلي لأخرج بفكرة ما, وعندما تعاندني أفكاري وتتحداني أقف عندها لأمنعها من المشاكسة معي أخشى أن تهزمني أمام قلمي وأوراقي, وأنا أتساءل يا ترى هل تجمد عقلي؟ لم أعهده هكذا وهو الذي لا يكف عن النبض والتفاؤل, رغم إنني أعترف بخيالي الواسع , فأنا متلبسة بالتفاؤل علنا دون سرية, رغم كل الصعوبات و الظلام ومتأكدة إن أكثر لحظات الليل ظلمة هي التي تسبق الفجر, أنسيتم إنني اكتب من أرض النخيل واللوز والتين؟ وليس عجيبا على أهل القطيف هذا التفاؤل, كم كان تفاؤلا أن أكتشف مؤخرا إن القطيف نجحت إلى حد بعيد في أن تورثني تفاؤلا وآمالا خضراء, وإن كان البعض قد يظن إنه تفاؤل مزعوم وهل التفاؤل ترفا غير مسموح به للجميع؟

في إحدى الليالي وأنا أشاهد التلفزيون شدني برنامجا يدور حول امرأة إعلامية, أسمها فاديا أم لولدين الولد بالجامعة والبنت بالثانوية تحكي قصة حربها و كفاحها ضد السرطان كفانا وإياكم شره الذي أصيبت به منذ زمن, حينها قد صرح لها الطبيب بأنها لن تعيش أكثر من ستة أشهر وبعد صراع دام خمس سنوات عاودها المرض من جديد, وكانت تحكي حكايتها مع العلاج وهي مبتسمة و تقول إنها سوف تتحدى المرض وتنتصر عليه, ولديها أمل أن يتزوجوا أولادها وترى أحفادها وهي لا تعتبر السرطان مميت وتمارس حياتها وعملها أثناء العلاج بشكل طبيعي , الله اكبر لا إله إلا الله على إيمانها وقوتها وصبرها أنا هنا أكاد أقسم, إنني رأيت التفاؤل يرقص أمامي ويطل من بياض قلب السيدة فاديا , تلك السيدة الجبارة التي أسرتني بتحديها للمرض وهزني تفاؤلها و عبثت بي نظرتها الجميلة للحياة, جعلها الله من المنتصرات على مرضها وذلك من الإيمان و التفاؤل الكبير الذي تحمله, أولا لنرفع أيادينا للسماء راجيين لها ولجميع المرضى الصحة وطول العمر, وثانيا أغبطها لروحها الرائعة ومدى التفاؤل الذي تتمتع به, وثالثا أشكرها فقصة كفاحها ألهمتني بكتابة مقالي هذا, وأتصور كل حرف سأكتبه هنا لن تبرح صورة تلك السيدة البطلة من خيالي, هنيئا لهذه السيدة بروحها الرافضة لمنطق التشاؤم شعرت إنني أتمتم قائلة ما أسخف مشاكلنا! تفاؤلي بالغ النصاب بل تخطى ذلك بعد رؤيتي تلك السيدة المتفائلة.

أود هنا أن أطرح سؤالا بريئا ومباشرا لمَ التشاؤم والسؤال الحقيقي أسألك على استحياء وتردد كم يلزمك لتصبح متفائلا ؟ آه ليت الفجر يقترب من يدري قد يحدث شيء جديد وهذه هي الشمس تطلع كل يوم ونحن أيضا هنا, و سيكون من تمام السعادة أن نجعل التفاؤل معبرا لسعادتنا, هنا صباح وشمس وهواء ولكن هذا لا يمنع أن ارفع صوتي قائلة :لا مجال للتشاؤم وإلا سيتوقف العقل عن التفكير والقلب عن الحياة, نحن نحمل الموت معنا ولم يعد الموت يخيفنا وما يخيفني حقا هو الموت الرمزي كالتشاؤم والإحباط والفشل وهل هناك من تخشاه أعظم من الموت ؟ إذن لمَ التشاؤم؟ قد يتساءل البعض بأي حق أمنح أنا الإنسانة البسيطة شهادة عن التفاؤل! أنا ببساطة أؤمن وأحب التفاؤل ودائما أضع أجمل التوقعات أمامي ونظرتي وردية للحياة .

إلى متى سنبقى هكذا نمتهن ونتاجر بالقهر والتشاؤم والخوف أنا ضد شراء وبيع التشاؤم ولن أدخل في مزادات الفشل والانكسار, ولعل من أسمى أسرار القطيف وحسب إحساسي هي القطيف نفسها التي تتجرأ وتمنح شعبها الأمل والتفاؤل تحت أي ظرف.

ألم يقل الله تعالى ” تلك الأيام نداولها بين الناس” هذه حياتنا لنرمي همومنا وأحزاننا خلفنا ولنبدأ أيام فيها تفاؤل بعيدة عن الأحزان, لنترك على أعتابنا التشاؤم الدفين ولنزيح وطأة الإحباط عن كاهلنا, ولنترك الأيام تمضي بسوادها ولعلنا نجد ذاك البياض والتفاؤل يشرق من جديد,لنترك ما هو بيد الله لله ولنترك بصماتنا البيضاء أثرا باقيا إلى أجيالنا القادمة بعيدا عن أي تشاؤم, فالتشاؤم هو عدونا الأكبر.

نحن بحاجة للتفاؤل وبدونه قد نصاب بالمرض,فالتفاؤل سلوك وعلاج سحري قد يؤخر شيخوخة المرء, ولو اتخذنا الأمل والتفاؤل فلسفة في حياتنا لأصبحت حياتنا جميلة دون سواد دون فشل دون مرض دون قهر دون قبح, حيث النظرة المفرحة تسعد الناس ولعل التفاؤل ناتجا عن تمام الصحة, قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام “تفاءلوا بالخير تجدوه” ما أروعها من كلمة وما أعظمها من عبارة إنها تلخص نتائج التفاؤل ,وكان التفاؤل من أعظم صفاته كان متفائلا في الحرب والسلم ما أحوجنا اليوم إلى إتباع سيرة رسول الأمة العظيم صلوات الله وسلامه عليه.

حتى لا أكون متحاملة دعني أقل لك بكل هدوء وأقولها لمرة واحدة, لست مستعدة أن أعتذر عن تفاؤلي وأستنكف عن الهبوط بمستواي الروحي والنفسي, وساعتها فقط يمكنكم القول إنني في المسار الصحيح,ولست من التفاهة لأخبئ رأسي مثل النعامة, وقبل هذا كله أي قبل الولوج في التفاصيل أرجوا أن تعذرني إن لم انتبه إلى عثراتي أثناء الكتابة, وحينها يصير للقهوة مذاق الفرح,أرتشف رشفة من قهوتي فيروق لي طعمها و أفكر بنشاط ظاهر محاولة أن أجعل مقالي هذا دعوة يؤجج رغبة القارئ للتفاؤل.

أتذكر منذ أكثر من ثلاثين سنة عرافة عجوز في لندن كانت تقول وهي تقرأ كفي إن لي خطوطا تسعدني, وأنا يوم بعد يوم أمنح نفسي من الخيال والرؤيا والتفاؤل وأحني هامة التشاؤم هنا وأسقطها من حسابي , أعذروني لقد انتبهت إلى إن لي تفاؤل استثنائي يجذبني نحو الحياة وهذا أجمل انتماء لي في هذا الزمن الصعب حيث إني متفائلة إلى حد التهور.

دعوتي للتفاؤل قد تثير الكثير من الجدل ولن أقول هذه الدعوة تواجهها سوء حظ, بل هناك سماء دون ضباب وقمر دون عتمة, وهناك من يتحمل مسؤولية تفاؤله منفردا دون تحديد جنسية أو هوية أو مذهب, ولا حتى سن معين بل قد يتخطى الحدود النفسية, لا نستطيع أن نبحث عن التفاؤل في السوق أو في الشارع بل إنه أقرب مما نتصور إنه هنا في قلوبنا وعقولنا نعم إنه يسكن داخلنا.

حتى نحصل على التفاؤل ونزرعه في أعماقنا الساكنة علينا أن لا نتذمر من بعض الصعاب, بل نحاول استثمارها لصالحنا باستخدام عبارات الأمل والحب ونحاول أن نتغلب على مشاعر الألم والضعف التي تتملكنا أحيانا فقد فقيل: كما تفكرون تكونون.

ولأني متفائلة ابحث دائما عن داخلي وحتما الله في فكري ولله يسجد قلبي, ومع الأسف البعض لا يعرفوا الطريق إلى قلوبهم حيث التشاؤم هو حالهم, يقول أحدهم:المتفائل إنسان يرى الضوء غير موجود فيبحث عنه ويجده أما المتشائم فيرى الضوء ولا يصدق بأنه رآه, يا ترى أين رحل الأمل وأين ذهب التفاؤل؟ فالتفاؤل يبعث بالنفس الأمل ويحفز على الإيجابية وأكثر الناس تفاؤلا أكثرهم نجاحا, فالنجاح يبدأ من داخل الإنسان, مهما يكن من أمر ينبغي أن نتعلم ونتذكر بأن التفاؤل أولا وليكن رفيقنا المدفون في أعماقنا, لنغرد كالعصافير السعداء بفجر جديد مليء بالهواء بالضياء بالتفاؤل.

هناك مفهوم فلسفي للتشاؤم قرأناه وندرك إن القلق والإحباط فلسفة التشاؤم ولم نقرأ بما يكفي عن التفاؤل, أود أن يكون كل واحد منا متفائلا فالحياة لها طعم وسعادة إذا كانت النظرة إيجابية فلا نجاح بلا تفاؤل, بالنسبة لي يكفيني أن أشعر بأن قارئا ما يبحث عن وقت لقراءة مقالي هذا فأعتبر ذلك تفاؤلا لي رغم تواضع الفكرة, كان روبرت شوللر يقول: إن الأوقات العصيبة لا تستمر إلى الأبد لكن الأقوياء يستمرون.

لنترك التشاؤم والحزن والألم ولنزيح وطأة الإحباط عن كاهلنا, لا يمكن أن ننام متوسدين الوجع والحزن ليحطم آمالنا وأحلامنا ويسرق شبابنا,ألا ندرك إن قمة الجرأة والشجاعة أن نبوح بحزننا, وهو لابد من الحزن أحيانا نحن في النهاية كتلة من المشاعر والأفكار فلا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة, مهما ساءت الأوضاع فالتفاؤل يدفعك للعمل أما اليأس فلا يولد إلا الفشل.

علينا بتربية النفس على التفاؤل في أقسى الظروف وعلينا أن نتربى على التفاؤل الإيجابي الفعال المبني على الثقة بالله,قال ربنا على لسان نبيه أنا عند حسن ظن عبدي بي,فمن الأحرى أن نحسن الظن بربنا و علينا أن لا نستسلم ولا نتعثر, إلهي عفوك ورضاك الأمان من غدر الزمان.

الكل منا يتذكر قصيدة الشاعر إيليا أبو ماضي كن جميلا ترى الوجود جميلا, كنا بالأمس لنا فلسفة رائعة ونحن نواجه مصاعب الحياة وكنا نضحك وترحل عنا الصعاب, لم نتعلم سابقا التفاؤل ولا الأمل ولم نتخرج إلا من جامعة الحياة بتجاوزنا الصعاب من خلال تفاؤلنا دون صراخ نعم كنا حينها نبحث عن الأمل في أتفه الأمور وأصعب الأشياء, بينما بات الإحباط فخلعوا الناس بلا اكتراث رداء التفاؤل, كم هو جميل أن نجد التفاؤل يسكن أرواحنا ومن منا لا يريد أن يمتطي الأمل والسعادة؟

لا أعلم إن كنت قد أكون خرجت عن الموضوع, ولكنني أعتقد إنني أدور في فلكه فأنا ألمسه في كل سطوري, ويحق لي أن أكتب في كل المواضيع دون ابتذال ودون علامات حمراء فالنص هو الذي يختار شكله النهائي, أحاول أن أتحكم بهدفي في تناول مقالاتي.

وها أنا أنظر للوقت فالساعة تشير للثالثة والنصف صباحا قلت دون أن أنطق هل يكفي ما كتبته في مقالي؟ حيث أحاول أن انهيه قبل أن تصحو الشمس بيوم جديد, وليتني أحظى بسماع آذان الفجر وأنا أحتضن قلمي ليبارك صوت الآذان مقالي قائلا الله أكبر, ليمنحني تفاؤلا أكثر وأملا أكبر يا لها من لحظة كل شيء يتوقف عند الآذان, الله أكبر أرددها وأنا أستشعر لمعناها, وبعد الصلاة سأنام حيث يستيقظ العالم رغم إني لا أتذكر يوما نمت مليء عيني , أعتذر على الإطالة فقد اندمجت بمقالي لحبي للقهوة, وقتها شعرت بمذاقها اللذيذ ورائحتها الزكية برغم إني لا أشربها حلوة أفضلها دون سكر, لم ينته كل شيء فللحديث بقية سأعود وأنا أكثر تفاؤلا.


error: المحتوي محمي