لا شكّ أن كلَّ المسلمين، أينما كانوا، يكثرونَ من الصَّلاةِ على محمَّد وآله بأنماطٍ وأشكالٍ رائعة ومختلفة. ذلك لأنهم يحبونه ومأمورون من الله بالصَّلاةِ عليه. أما في حالة – القطيفيّ – الذي أُفرده في هذهِ الخاطرة، فهو يصيغ جملًا خاصَّة به، لا أظنّ أنها عند غيره.
إذا زرتَ القطيف وما فيها من مدنٍ وقرى، وصادفَ – لا سمح الله – أن رأيتَ شخصين يتعاركان، ما عليك سوى أن تقولَ لهما: صلوا على محمد، وينتهي كلُّ ذلك العراك ويبدأ السَّلام والمصافحة. وإذا استغربَ القطيفيّ من حديثِ صاحبه قال له: صلْ على محمد. حتى إذا ثارَ دمه في أمرٍ من حزنٍ أو فرح، تهدأ أعصابه عندما يُطلب منه أن يصلّي على محمد، ويذكر الله. اعذرني، إن لم أستطع أن أحصر لك كلَّ الحالاتِ والمواقف التي تكون فيها هذه الجملة الدواءَ النَّاجع والشَّافي!
أما في مثلِ هذه الأيَّام، أيَّام ميلاد الرَّسول محمد صلى الله عليهِ وآله، وأيام كثرة مناسباتِ الزواج في القطيف، فذلك حديثٌ آخر! في ليلةِ ميلاد النبيّ محمد ويومها، يقرأ القارئ قصَّة المولدِ الشَّريف، وبين جملةٍ وأخرى يصلي الحاضرون على محمدٍ وآله. لكن الحضور يخبئونَ أطولَ وأجملَ عبارة لحِين ختامِ مجلسِ الفرح، وهي عبارة – تقريبًا – اختصوا بها دونَ سواهم: أفضل الصَّلاة والسَّلام عليك يا رسولَ الله محمد وآلِ محمد، صلوات صل على محمد، علي بن أبي طالب صلوات ربّي عليه، أصلِّي وأسلم عليه، صلوات ربِّي عليه.
أجزم أن هذا الحبّ للصلواتِ على النبيّ لم يأتِ من فراغ، فإليكَ بعضًا مما جاءَ في فضلها وجمالها:
لا يزال الدعاء محجوبًا حتى يصلي على محمد وآل محمد. من دعا ولم يذكر النبيّ (صلى الله عليه وآله) رفرفَ الدعاءُ على رأسه فإذا ذكرَ النبيَّ (صلى الله عليه وآله) رُفع الدعاء. إن رجلًا أتى النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسولَ الله إني أجعل لك ثلثَ صلَواتي، لا، بل أجعلُ لك نصفَ صلَواتي، لا، بل أجعلها كلها لك، فقال: رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) إذًا تُكفى مؤونةَ الدّنيا والآخرة.
خالص الدعاء لهذا القطيفي – وغيره من المسلمين – بزيادةِ الأجر والبركة والنماء ما دام يحرك لسانه ويصلي على محمد وآله. “إذا ذكر النبيّ (صلى الله عليه وآله) فأكثروا الصَّلاةَ عليه فإنه من صلى على النبيّ (صلى الله عليه وآله) صلاةً واحدةً صلى الله عليه ألفَ صلاة في ألفِ صفٍّ من الملائكة ولم يبق شيء مما خلقه الله إلا صلى على العبدِ لصلاةِ الله عليه وصلاة ملائكته، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهلٌ مغرور، قد برئ اللهُ منه ورسوله وأهلُ بيته”.