أمهاتُ وآباء ذوي الحاجات.. أماكنكم محجوزةٌ في الجنّة!

لا أشك، ولو للحظةٍ واحدة، أن في الجنّةِ مكانًا جميلًا لمن يربي طفلًا من ذوي الحاجاتِ الخاصَّة. تربيةُ طفلٍ سويّ، عملٌ مرهق وشاق، أما تربية طفلٍ من ذوي الحاجات فتحتاج أطنانًا من الصَّبرِ والمثابرة، وعقدًا من الحبّ بين الوالدِ والوالدة والطفل، غير قابل للنقاش والجدال. الحبّ الحقيقيّ والتربية الحقيقيَّة هي للطفلِ الذي رزقنا اللهُ إياه، أيًّا كان، وليس الطفل الذي تمنينا أن لو كان لنا ورسمناه في خيالنا، سويَّ الخلقةِ وتامّ العقل. نعم، هناك متسع ومكان للأنفسِ العظيمة والصَّابرة على خدمة ابن ذي حاجة استثنائية. بعض حالات الحاجات على درجةٍ عالية من الصعوبة، لا يمكن أن يكون فيها أمل بالشِّفاء التَّام، لكن هل سمعتم أبًا يتأفف أو أمًّا تشتكي؟

عندما نستيقظ كلّ يوم نستقوي بإيماننا بالله بحيث نرى في حالاتٍ كهذه نوعًا من قضاءِ الله وقدره، الذي لا بدّ من أن يكون وراءه حكمة إلهية، ونتذكر أنّ الإنسانَ كلّما صبرَ على البلاءِ أكثر، وكلّما واجه البلاءَ بإيمانٍ وقبولٍ واطمئنان وعزيمةٍ أكبر، كلّما أعطاه الله تعالى ثوابًا أعظم. ما من طفلٍ فائضٍ عن الحاجة، بل كل الأطفالِ عطايا الله!

أحاديث وبشارات جمَّة، لمن ابتلاه الله في ولده فصَبر، أفضلها “وبشر الصَّابرين”. ذلك أمرٌ للنبيّ محمد صلى الله عليه وآله مفاده، أخبرهم – يا محمَّد – بما لهم على الصَّبر على تلك المشاقّ والمكارهِ والمصاعب، لهم الجزاءِ الوفير والعاقبة الجميلة.

قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: “قال الله عزّ وجل إذا وجهتُ إلى عبدٍ من عبيدي مصيبة في بدنهِ أو مالهِ أو ولده ثم استقبلَ ذلك بصبرٍ جميل، استحييتُ منه يومَ القيامةِ أن أنصبَ له ميزانا أو أنشر له ديوانًا”.

ألا يكفي هذا جزاءً؟ وردَ عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: “يجيء يوم القيامة أطفالُ المؤمنين، عند عرضِ الخلائقِ للحساب، فيقول الله تعالى لجَبرئيل (عليه السَّلام): إذهب بهؤلاءِ إلى الجنّة. فيقفونَ على أبوابِ الجنّة، ويسألون عن آبائهم وأمهاتهم، فتَقول لهم الخزنة: آباؤكم وأمهاتكم ليسوا كأمثَالكم، لهم ذنوبٌ وسيِّئاتٌ يُطالبون بها “إلى أن قال: يقولون: لا ندخل الجنَّة حتى يدخل آباؤنا وأمهاتنا. فيقول الله سبحانه وتعالى: يا جبرئيل، تخلَّل الجمع، وخذ بيدِ آبائهم وأمهاتهم، فأدخلهم معهم الجنَّة برحمتي”.

بلايا الأبناء يحولها اللهُ إلى هبات، يعطيها لهم ولوالديهم، ذلك لأنه اختبرهم وابتلاهم بما لم يختبر به غيرهم، لكن “ما من بلية إلا ولله فيها نعمة تحيط بها”.



error: المحتوي محمي