كل عام ومملكتنا عزنا

لكل إنسانٍ على هذه المعمورة وطن يحبه ويعشقه ويفخر به، وهذا أمرٌ طبيعيٌ – لا ريب – بل أكاد أُجزم أن لكل فرد نظرته الخاصة والتي يرى من خلالها أن وطنه هو أفضل الأوطان، ولا أحد يستطيع النكران أو المزايدة تجاه ذلك الاعتقاد.

ولكن عندما يفخر المواطن السعودي بوطنه؛ فإن لذلك الفخر طابعه الخاص الذي لا يستطيع كائناً من كان أن يصل لتلك المراتب العالية، والدرجات العظيمة، لا سيما حينما نستذكر – نحن السعوديين – أن بلادنا أشرفَ البقاع، وأطهر الأوطان، وربما تغيب عن البعض هذه المعلومة! ولهذا فنحن نذكِّر بها ونكررها بكل فخرٍ واعتزاز أن بلادنا ووطننا المملكة العربية السعودية فيها بيت الله العتيق وعلى أرضها كانت نشأةُ رسوله رسول الرحمة والسلام للبشرية جمعاء وخاتم الرسل أبي القاسم محمد بن عبد الله – عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

ومن المعلوم لدى القاصي والداني أن المجتمع السعودي مجتمعٌ عرف عنه من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه لغربه، وبجميع مكوناته أنه مجتمع يتصف بعادات وتقاليدَ مشتركة تسودها القيم الأخلاقية وحسن النوايا وطيب المعشر والكرم، وبالتالي تُولد لديه صفات وخصائص قلّ ما نلمسها في الكثير من المجتمعات الأخرى كالتآخي والتعايش والتراحم والعلاقات الإنسانية التي يسودها الاحترام المتبادل، وكذلك نبذ الطائفية المقيتة بين جميع أطراف المجتمع السعودي المعطاء.

إن مملكتنا حالها كبقية الأوطان يحتفل شعبها الأبي (بالعيد الوطني) ويعتبرونه مناسبة لجميع أفراد الوطن للتعبير عما يكنونه بداخلهم من حب وولاء ومشاعر صادقة تجاه الوطن والملِك والعلَم.

إنّ اليومَ الوطني في المملكة العربيّة السعودية هو أحد الأيام الذي تحتفل به البلاد بمناسبة قيام الدّولة القوية المستقرة والآمنة، وهو أيضًا يُعد من أهم الأعياد الرّسميّة التي نصت عليها مواد وقواعد الدّستور المأخوذ به في بلادنا، فهو حقًا مناسبة كبيرة.

ويصادف يوم ٢٣ من شهر سبتمبر من كل عام ويحمل في طياته أطيبَ المواقف التاريخيّة التي تحاكي وتجسد شجاعة الآباء والأجداد وتضحياتهم، وتُبلور ذلك في حكمة القائد المؤسس (الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود) – طيب الله ثراه – في أجمل وأبهى صورها المشرفّة والمُشرقة.

ومن تلك الصور والإنجازات التي ما كانت لتتحقق وتصبح أمراً واقعاً لولا نهضة الملك المؤسس، ومن خلفه رجالات أشداء شامخون اتصفوا بالوفاء والإخلاص ساروا وراء قائدٍ محنك وشجاع أيقن أن بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى وإيمانه الراسخ بأن توحيد البلاد لن يتسنى إلا بالبذل والتضحية وبعدها توالت الانتصارات تأتي تحت سواعد الأبطال وصهيل الخيل وأسنة الرماح.

وما إن انجلت غبراء تلك الملاحم ملاحم العز والإباء إلا وأتت بشائر الخير والنصر لذلك الشعب السعودي الأبي بعد أن توحدت مملكتنا تحت راية التوحيد الخفاقة في سماء العُلا وبدأت مسيرة البناء والتطور تشق طريقها منذ عهد “صقر الجزيرة العربية”، واستمرت تلك العطاءات من بعده – رحمه الله – بعد أن انتقلت السلطة لأبنائه البررة الملوك (سعود) و(فيصل) و(خالد) و(فهد) و(عبد الله) حتى أتى عهد الحزم والعزم بقيادة مقام خادم الحرمين الشريفين الملك (سلمان بن عبد العزيز آل سعود) وسمو ولي عهده الأمين الأمير (محمد بن سلمان آل سعود) حفظهما الله وسدد خطاهما وجعلهما ذخراً للبلاد والعباد.

وقد شهدت المملكة العربية السعودية منذ ولادتها حتى عصرنا الحالي تحولات كبيرة لا حصر لها، ففي عقود قليلة منصرمة تحولت من بلد ومناطقَ صحراوية مترامية الأطراف إلى دولةٍ حديثة قوية متقدمة وعنصر فاعل ومؤثر على الساحة الدولية يُحسب له ألف حساب، حيث باتت بلادنا تتبوأ مكانة متقدمة عالية مرموقة بين نظيراتها من الدول العربية وفي جميع المجالات العلمية والثقافية والتِقنية والرياضية، وغيرها من سائر العلوم والمعارف المختلفة، بل غدت مملكتنا من الدول التي تمتاز بحضور عالٍ على المستوى العالمي؛ بل أصبحت صاحبةَ قرار مؤثر في جميع المجريات والأحداث العالمية، ولا سيما الاقتصادية والنفطية، وذلك لما للمملكة من ثُقل قلّ نظيرة في هذا المجال باعتبارها على رأس الدول الكبرى المصدرة للنفط.

إن ولاة الأمر في مملكتنا المصونة منذ عهد الملك المؤسس حتى عهد ملك الحزم والعزم شهدت تطوراً ملموساً وفي فترة وجيزة، وأن ما تحقق لا يمكن أن يُنجز إلا بتلك القيادة الحكيمة الواعية السديدة والتي حققت ما لا يخطر على بالِ وفكر مفكرٍ ومخطط.

فقد انتشرت في جميع المناطق الجامعات والمستشفيات والمدارس وحوربت الأميّة، وأُنشئت دور الرعاية والجمعيات الخيرية ومراكز الأبحاث وشُيِد المعمار، كل ذلك والعملُ مستمر لتطوير الإنسان من خلال تسخير كل الإمكانات التي تصب لصالح المواطن لرفع كفاءته وتحسين أدائه في جميع مناحي المهن التي من خلالها نصل إلى ذروة الاقتدار والغلبة واليد الطولى، فلنردد بعدها جميعًا بصوت عال نساءً ورجالاً: حفظ الله الملك والعلم والبلاد من كل سوء وحمانا الباري من شرور الأعداء وكل عام ومملكتنا قيادةً وشعبًا بألف خير.



error: المحتوي محمي