الشهيد الأستاذ أمين آل هاني … المثل والقدوة

الكتابة عن شهيد القرآن الأستاذ أمين آل هاني أمر لا يخلو من مشقة وصعوبة ، فالشهيد قد امتد نشاطه وعطاءه لأكثر من ثلاثين سنة ، و كانت حياته مملوءة بالإنجازات والنجاحات الكبيرة والكثيرة والمتميزة على مختلف الأصعدة الدينية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والتربوية ، لذا ليس من الانصاف والعدل بمكان أن أدعي إني ما سأكتبه عن شهيد القرآن الأستاذ الكبير أمين آل هاني سيكون وافيــًا ومحيطـــًا بكل جوانب شخصيته وأخلاقه وأنشطته وانجازاته ، وإنما هي إشارات ورؤوس أقلام فقط .
إن شهيد القرآن وفقيده الأستاذ أمين آل هاني ، نذر نفسه للإسلام ، وأفنى عمره المبارك في خدمة كتاب الله تعالى ، وإضافة إلى هذا فإن حياته و أنشطته و إنجازاته وأعماله القرآنية والاجتماعية تمثل فصلا ً مهمــًا من تاريخ المنطقة بشكل عام ومدينة صفوى بشكل خاص ، حيث سيظل الشهيد الأستاذ أمين آل هاني خالدًا بذكراه العطرة ، التي تعد مثالا ً ونموذجــًا للقيم والعطاء يتأسى به الشباب والشابات .
كان الشهيد السعيد الأستاذ أمين آل هاني رضوان الله تعالى عليه مثلا ً وقدوة في مختلف أبعاد حياته وذلك عبر الجوانب التالية في شخصيته :
أولا ً / الجانب الديني .
كان الشهيد الأستاذ أمين آل هاني مثالا ً للإنسان المتدين المخلص العامل ، فقد كرس جل وقته في بيان ونشر معارف علوم القرآن الكريم ومفاهيمه وقيمه ومبادئه لجميع أفراد المنطقة صغارًا وكبارًا ، ذكورًا وإناثــًا وبالخصوص للجيل الناشئ ، وقدم الكثير الكثير من الأعمال والإنجازات في الجانب الديني وترك بصمات جليلة وواضحة تمثلت في تأسيس العديد من المشاريع الدينية ، و نشر الثقافة القرآنية ، وإقامة المراكز القرآنية المتميزة ، وتطوير الأنشطة الدينية ، فهو شخصية إيمانية نشطة ، وعقلية إسلامية واعية ، و طاقة دينية كبيرة ، وبرحيله فقد العمل القرآني في منطقة الخليج رجلا ً من أبرز رجاله المخلصين الذين نذروا له جهدًا كبيرًا ، وعونـــًا عظيمــًا .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( خيركم منْ تعلم القرآن وعلمه )) .
ثانيـــًا / الجانب الأخلاقي .
كان الشهيد الأستاذ أمين آل هاني يتميز بأخلاق عالية جدًا ، فهو دمث الأخلاق ، حلو المعشر ، كريم الشمائل ، طيب النفس ، رقيق المشاعر ، واسع الصدر ، متواضعــًا ، كريمــًا ، وفيـــًا ، محبــًا للناس ، يدعو للأخلاق الفاضلة ويسعى لها ، ويشجع عليها ، بشوشــًا ، الابتسامة لا تفارقه لحظة .
فحينما تسأل أي شخص التقى بالشهيد أمين آل هاني في أي مكان أو أي مناسبة ، سوف يقول لك إنه يتميز بأخلاق عالية ، الأمر الذي انعكس حب الناس له وانجذابهم إليه ، وبإجماع أصدقائه وزملائه ومعارفه يقولون كنا كلما ازددنا من الشهيد أمين آل هاني قربــًا ازددنا له حبــًا ، لأنه كان يمتلك أحاسيسًا إنسانية راقية ، وعواطفــًا فياضة ، وسيرة أخلاقية عطرة .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( أفضل الناس إيمانــًا أحسنهم خلقــًا )) .
وكان مصداقــًا لكلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام :
(( خالطوا الناس مخالطة إن متم بكوا عليكم ، وإن عشتم حنوا إليكم )) .
ثالثـــًا / الجانب التعليمي .
قليل هم في الحياة من يرحلون بتاريخ وبصمة تبقى في ذاكرة التعليم والأجيال ، وهو حال شهيد القرآن الأستاذ الكبير والمربي الفاضل أمين آل هاني ، فهو أحد رموز التعليم في مدارس الهيئة الملكية بالجبيل ، وفي حياته شهدت مدارس الهيئة الملكية تطورًا ملحوظــًا في تعليمها ، وهو أمر يحسب للشهيد ، فهو صاحب فكرة إدخال التعليم الالكتروني لمدارس الهيئة ، وهو صاحب فكرة إنشاء مركز لتقنيات التعليم ، وهو صاحب فكرة إنشاء أندية التفكير في مدارس الهيئة ، وهو مشارك في وضع خطط استراتيجية على مستوى مدارس الهيئة الملكية ، وهو صاحب الكثير من الأفكار التطويرية والمبادرات التربوية والتعليمية لمدارس الهيئة الملكية بالجبيل ، ومن هنا لا بد أن نذكر مآثره في خدمة التعليم ، فلا ننسى حرصه ــ رضوان الله تعالى عليه ــ تطور العملية التربوية والتعليمية في مدارس الهيئة الملكية على يديه . إن التعليم برمته حزين اليوم لفقده معلمــًا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى .
رابعـــًا / الجانب الاجتماعي .
كان الشهيد الأستاذ أمين آل هاني يتمتع بشبكة علاقات اجتماعية قوية وواسعة جدًا ، تقوم على أساس المحبة والوفاء والاحترام والتقدير، مما جعله شخصية اجتماعية بارزة محبوبة من قبل الجميع ، حيث عمل بشكل دؤوب وسعي دائم لتطوير مجتمعه من خلال مساهماته ومبادراته وتعاونه مع مختلف المؤسسات الاجتماعية في المنطقة ، مما كان له بالغ الأثر في دعم وتطوير الأنشطة والمشاريع الاجتماعية .
خامســًا / الجانب الثقافي .
كان الشهيد الأستاذ أمين آل هاني مثقفــًا من الطراز الرفيع ، وكاتبــًا قديرًا ، ومتحدثــًا بارعــًا ، وخطيبـــًا مفوهــًا ذو أسلوب جذاب ممتع يمتاز بالعذوبة والفصاحة ، وكان يشارك بشكل مستمر في العديد من الأمسيات والفعاليات القرآنية والمناسبات الدينية والاجتماعية والثقافية .
ومن أقوال الشهيد أمين آل هاني في مقالاته في الفيس بوك : عن العلاج بالحب الصادق
(( أظهر حبك لولدك يتغير… أظهر حبك لتلميذك يتغير .. أظهر حبك لزوجتك تتغير … أظهر حبك لصديقك يتغير .. أظهر حبك لمديرك يتغير … سنأخذ بالحب الصادق ما لا نستطيع الحصول عليه بالأوامر الصارمة والقاسية )) .
ومن أقوال الشهيد عن مكانة المعلم : (( المعلم يا سادة يا كرام ، لو عدنا أربعين سنة للوراء لتذكرنا المكانة التي كان يحظى بها المعلم ، فهو بالإضافة إلى كونه معلمــًا يعد القدوة ، والمرجع ، والصديق ، وإليه يلجأ الناس في حل مشاكلهم .
ذات يوم كان هذا (( المعلم )) هو الرقم الأصعب في إحداث التغيير الاجتماعي ومواجهة مشكلات المجتمع ، ولا يستطيع أي شخص مهما كان موقعه الوصول في قوة التأثير التي لدى المعلم .
يا سادة يا كرام إن المهندسين ، والأطباء، والتجار ، والكتاب ، ورجال الفكر، والدين ، والسياسة ، ورجال الأدب والفنون ، جميعهم تخرجوا من تحت يد معلم لا يستطيع اليوم شراء أرض صغيرة ، ولا يحلم بامتلاك منزل !! )) .
إن الأستاذ أمين آل هاني ولد إنسانــًا طيبــًا ، وعاش رسالـيــًا نشطــًا ، ومات مظلومــًا شهيد ًا.
لقد رحلت عنا في هدوء وصمت من دون أن تودعنا ، وتركت في نفوسنا حزنــًا عظيمــًا ، وفي عيوننا دمعـــًا كثيرًا ، وفي قلوبنا ألمــًا كبيرًا .
وداعــًا أيها الشهيد ، وداعــًا أيها الأخ الوفي ، وداعــًا أيها الصديق الطيب ، وداعــًا أيها الأستاذ الكبير ، وداعــًا أيها المعلم المخلص .
رحمك الله يا أبا أحمد ونسأل الله أن يتغمدك بواسع رحمته ، وأن يدخلك الفسيح من جناته ، وأن يحشرك في زمرة النبي وأهل بيته الأطهار ، وأن يلهم أهلك وذويك وأصدقائك ومحبيك الصبر والسلوان .
.


error: المحتوي محمي