لا يخفى على أحد ما للعمل التطوعي من أهمية كبيرة في تنمية المجتمع، حيث يشمل تأثيره حياة الفرد المتطوع من خلال ارتباطه بالمجتمع وتقديم ما في وسعه من الجهد والوقت دونما مقابل بطريقة منظمة يكون فيها قادراً على إضافة قيمة نوعية للمجموعة التي يعمل معها من خلال الانسجام النفسي وتعزيز مهارات الاتصال لتنفيذ مهامهم على أكمل وجه، ولتحقيق الغاية من هذا التطوع وهو التغيير الهادف في الوسط الاجتماعي عبر التخطيط الممنهج للحصول على جودة عالية من الخدمة.
الكثير من الأفراد يجيدون العطاء ويتقنون فنونه ويبذلون أغلى ما يملكون من المشاعر الإنسانية ومن أوقاتهم الثمينة من أجل إسعاد الآخرين في صورة رائعة من نكران الذات والاستمتاع بالعمل.
فتراهم يبادرون مسارعين لتلبية أي نداء يطلب منهم دعماً وحلاً لأي مشكلة تؤرق مجتمعهم أو تبنيّ فكرة إبداعية تعزز القيم النبيلة لهم، فتراهم بطيبتهم الفطرية ونقاء سريرتهم يعملون بكل تفانٍ بعيداً عن روح الرياء والتملق أو التعالي على الآخرين، فهؤلاء يستحقون كل التقدير والاحترام ومد يد التعاون معهم في جميع توجهاتهم وأعمالهم الاجتماعية.
وفي الصفحة الأخرى ينقلب الموقف مع صنف آخر يحب التباهي والظهور الإعلامي أمام العدسات لأهداف دعائية للحصول على السمعة والشهرة وتحقيق المصالح الذاتية وحيازة المناصب من خلال استدرار تعاطف المجتمع وتسويق أنفسهم على أنهم خدام للمجتمع بجميع أطيافه من خلال بث الدعاية في جميع وسائل التواصل الاجتماعي وأخبار المجتمع المحلية بتضخيم إنجازاتهم لتحقيق غاياتهم المجهولة.
إن اختلاط المفاهيم وغياب التقييم الصحيح لدى المجتمع للطبقة العاملة والفاعلة يؤثر سلباً على بعض القيم المهمة، والتي من شأنها التقدير للعاملين المتطوعين المخلصين، وتصبح المعادلة عكسية لأصحاب الطيبة والنقاء، حيث يوصمون بالسذاجة والطيبة الزائدة فيما توصف المجموعة الثانية بالذكاء والقدرة على التسويق لأنفسهم، مع أن هناك بوناً شاسعاً بين الفئتين.
أتمنى أن نكون قادرين على تشخيص ذواتنا ومعرفة إلى أي مجموعة نحن ننتمي.
لنستطيع أن نعزز من موقف الفئة الأولى، فنحن بحاجة للدمج والتحسين والقدرة على التوازن بين العمل بإخلاص وإظهار العمل إعلامياً ليكون قدوة للآخرين بطريقة واضحة ومباشرة ومنظمة بعيدة عن التضخيم الإعلامي وحب الظهور، وفي نفس الوقت غير مذل لذوي الاحتياجات ولأصحاب العطاء، وهو أمر يحتاج للمزيد من الإخلاص والتأمل.