في اليوم العاشر من محرم سنة 61 هجرية بكت ملائكة السماء وسكان الأرض، حيث استشهد رجل عظيم وسيد من سادات الجنة “الإمام الحسين (ع)”، إلا أننا نعده قربانًا من أجل سيادة القيم والمبادئ في الحياة، وعنوانًا شامخًا لمحبيه الذين لا يتغيرون مهما تعرضوا للمصائب والمحن.
مع بداية كل عام هجري وتحديدًا في شهر محرم الحرام تتغير حياة محبي آل بيت رسول الله (ص) في كل العالم، فيعم السواد وتنتشر شعارات الحزن والأسى في كل مكان، ويكون تواجد الأمة الحسينية داخل الحسينيات والمساجد والساحات حاضرًا بكل توجهاتها العقلية والفكرية والعاطفية لتسمع من خطباء المنبر الحسيني تحليل أهداف ثورة الإمام الحسين (ع) في كربلاء الشهادة.
إن البعض من أهل الكوفة وأهل الشام قد غيروا خطهم الموالي للإمام الحسين (ع) عندما أغرتهم الأموال فانقلبوا عليه وحاربوه! وعندما بدأت معركة كربلاء الخالدة، واستشهد كل من كان مع الإمام الحسين (ع) وبقي وحيدًا فريدًا لا ناصر له ولا معين، قال الإمام الحسين (ع) إن كان دين محمد (ص) لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني فأتته السيوف والحجارة والنبال من كل صوب وقاتل الأعداء بكل شجاعة حتى استشهد شامخًا.
بكى عمر ابن سعد وهو قاتل الإمام الحسين (ع) عندما مر موكب السبايا تتقدمهم بطلة كربلاء “الحوراء زينب (ع)” وهم في العراء مقيدون ضج القتلة كلهم بالبكاء، بكى السفاكون بكى القتلة الذين أوقعوا هذه المجازر بسيد شباب أهل الجنة، فهؤلاء المنافقون بكوا أنفسهم! إذًا البكاء والعاطفة وحدها ليس ضمانًا لإثبات أن صاحبها لا يقف موقفًا معاديًا لسبط رسول الله (ص) وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين (ع) ويقتله ويقتل أهداف ثورته التي هي أهداف جده رسول الله وأهداف كل نبي مرسل.
هناك خطر كبير في أن يمنى الكثير منا بالمحنة نفسها، إذ ينبغي على الناس في المآتم الحسينية أن تكون عقولهم حاضرة فيها تتغذى بفكر ومبادئ ثورة الإمام الحسين (ع)، وليس الأجساد التي ذهبت عقولها بعيدًا عن تلك المبادئ التي تحثنا على أن نغير في سلوكنا بتعاملنا مع بعضنا البعض، وأن نتخذ موقفًا أكبر من التعقل والتدبر في أهداف ثورة الإمام الحسين (ع) لكي لا نساهم أو نمارس قتل أهداف ثورته.
ولكي لا نكون ممن ساهم في قتل أهداف نهضة الحسين (ع)، علينا أن نحاسب أنفسنا ونعيد تقييمها، وأن نحافظ على الصلاة التي وقف هو وأصحابه محافظًا عليها أمام آلة الحرب المستعرة، وبالخصوص صلاة الصبح التي يتهاون الكثير منا بأدائها في وقتها، وأن نتأمل في سلوكنا بالقضاء على الغيبة والنميمة وباقي الأمراض النفسية المجتمعية.
وفي الختام، إن الإمام الحسين (ع) بثورته الشامخة قد رسم طريق الإنسانية، حيث استشهد دفاعًا عن الدين عطشانًا صابرًا محتسبًا ولم يدل نفسه للقتلة! فتبًا لمن خانك يا أبًا عبدالله وخذلك وخانَ أهداف ومبادئ ثورتك الباقية إلى يوم القيامة.