جُننا في حب الحُسين

جُننا في حب الحُسين (عليه السلام) وهامت القلوب في معرفته ومحبته، وإن حرارة مُصابهِ قد أحرقت قلوبنا وجفوننا من كثرة الدمع الهامل في مصابه ومصاب أهل بيته العظيم في هذا اليوم ومن منطلق التعريف بأصلٍ لهُ صلةٌ بالعشق الحُسيني وارتباطٌ عظيم، اخترتُ أن أتحدث عن أحد الشخصيات المُتأثرة بارتباطها الروحي العميق بمعشوق القلوب ابي عبد الله (عليه السلام).

جدتي أُم علي محور حديثٌ عميق وعشقٌ قد تسامى في القلوب كعشقِ يعقوب وهيامهُ في يُوسف تماماً بلا اختلافٍ أو تقليل، وأنت عزيزي القارئ تحتاج الدليل لمعرفةِ من تكون وأنا بِدوري سأخبركم بما كان في محطةِ العشاق بتفاصيلٍ بسيطة، في العام الماضي عندما اجتاح الوباء العالم أجمع، كان من المقرر على العشاق أن يقتصروا بإقامة المآتم في منازلهم دونِ المُستمعين وهتافاتهم التي كانت تتعالى بحب الحُسين وفي سبيله، حرصاً منا على صحة وسلامة من نُحب وأن يكون لهم دوام العافية والهناء، تغيرت الأوضاع وتم المأتم بوضعٍ مُختلفٌ جداً مع الأقارب بعدد لا يتجاوز العشرة فجزاهم الله بالحُسين عنا خير الجزاء.

كانت جدتي تمتلك مأتمًا كبيرًا يصدح ليلاً ونهاراً بحب الحُسين لا يهدأ ولا يهنأ لها بال إلا بإقامة المجالس منذُ الواحد من مُحرم ولنهايةِ شهرِ صفر، شهرين بالتمامِ والكمال دون كللٍ ولا ملل بل بوافر الحُب وجزيل العطاء ودون انتظارِ مُقابل، ما دامت لها الحياةُ الهانئة بقرب الحُسين، ناهيك عن باقي أيام السنة تقيم كل المُناسبات، فكان لها العام الماضي بمثابة الحُزن الشديد على فراق الحُسين وقد بكتهُ بغزارةٍ وشدة، وكانت تقول إن الحُسين نور البصر والبصيرة ومن شدةِ البكاء والنحيب فقدت بصرها في سبيلِ محبته، إن البُكاء المتواصل على الحُسين وعلى مأتمهُ الذي حدهُ الوباء بعدما كان يصدح باسمهِ ليلاً ونهاراً منذُ سنواتٍ لا تعد قد جعلها ضريرة العينين، فقدت بصرها في طرفةِ عين، كرامةً لـ أبي عبد الله عليه السلام.

عن أي عشقٍ عليَ أن أكملُ حديثي هذا؟، وبماذا عليَ أن أجعلَ خِتامُه؟ ولأن البصيرة عقيدة القلب لهذا فإن الحب الموصى به هو الذي يكون نوراً نابعاً من أعماق القلوب حيثُ لا تشوبهُ شائبة.

إن الحُسين طبيب القلوب وحبيبها، ومن امتلك البصيرةِ في محبته فلا يحتاج للبصر، ومادام القلب قد رأى الحُسينِ بكلِ وضوح فهذا غايةِ ما يؤملهُ الحبيب لحبيبه.

اللهم أمد في عمرها وأجعلها لنا خير قدوة ومسك الختامِ السلام، فالسلام على الحُسين ما بقي الدهرُ وما طال المدى.



error: المحتوي محمي