في كل صباح حين أفتح عيني تحاصرني مسؤوليه ذاتية، تتفرس داخلي قوافل الرحيل وحينها أحدث نفسي بحياء من الله فليسامحني ربي!
كيف لي أن أبدأ يومي بصفحة الوفيات وأرسل مواساتي لأهل الراحلين؟! أحيانًا بل غالبًا أكون مع زوجي هو برابط تعزية الرجال وأنا برابط تعزية النساء! وبعض الأحيان يكون يومي كئيبًا جدًا لبعض حالات الوفيات، كما حدث معي يوم الاثنين! ولكن أهذا وقت الرحيل أم أنه استثنائي؟!
لطفًا لا أحد يستخف بإحساسي ولا مجال هنا للسخرية! مهلًا ولأنني إنسانة ولي مشاعر عميقة؛ حيث إعيش في قلق لما يحدث لمجتمعي ولأحبابي ومعارفي من مرض وموت الوصف! رغم أن للموت وجعه وسطوته نعم الموت يوجع القلوب ويفجعها، هذه السطوة يدركها الفاقدون، فلا أصعب وأقسى من الفقد أبدًا لأنه الحس الإنساني والمشاعر الصادقة تجاه فراق الأحباء، وسنبقى نصرخ ونبكي ونحزن بداخلنا كلما سمعنا أخبار الوفيات تتردد كل حين وتزداد على غير العادة !! فكيف حالي عندما عرفت برحيل ثلاث شقيقات في غضون خمسة أيام بل إن اثنتين منهن بينهن عشر ساعات! آه لهذه الأكتاف التي قامت بحمل نعوش الشقيقات الثلاث! وكأنهن موعودات بيوم الرحيل حيث الموت قد توحد وخطف الأخوات الثلاث!
وكأنني ألمح ابتسامة عريضة تعلو وجه المرحومة خادمة أهل البيت الحاجة مريم التي أبت إلا أن تستقبل وصول أخواتها أسدية وزينب بابتسامة عريضة، وكأني أراهن الآن يضحكن ويبكين في آن واحد، يا سبحان الله حقًا ما أوسع الجنة حين تدخلها الأخوات الثلاث معًا وما أسعدهن وهن لابسات الأكفان بمقاساتهن وقد طويت أكمامهن.
كم صارت وجوههن مستبشرة تشبه مشاعرهن آنذاك، وهنا أواسي وأعزي الأخوات الباقيات لم الحزن؟! شاءت لهن الأقدار أن يرحلن معًا! نعم رحلن معًا وفي ذمة الله! يا سماء أمطري عليهن بعضًا من قطرات الماء وانثريها على قبورهن وألغي الظلام بإشعال شمعة تخفف وحشتهن.
وددت لو أستطيع بقلمي أن أسحب وأزيح وجع رحيلكن عن أحبابكن ولكن! سوف أصلي صلاة الوحشة وأغمض عيني لعلي أهدأ إن ما حدث يوم الاثنين أفسره بأنه حدث وغياب مفاجئ بأمر سماوي، وباختصار هكذا هي الحياة اللقاء والفراق بلا مواعيد، ومهما صبرنا وكبرنا نبقى ضعفاء وصغارًا أمام حضور وعظمة الموت.
وحقًا لم يبق غير الأسى والحزن والبكاء فالدموع قد تخفف من وطأة الفراق، وهنيئًا للأخوات الراحلات معًا في نزلهن الجديد.
المقال يخص وفاة الأخوات الثلاث
مريم / أسدية/ زينب علي محمد الغرقان