لو سألوني عن وجبة فطوري ليوم أمس لنسيت ماذا أكلت, وما اذكره الآن هو كيف لي أن أرى صديقة عمري, وهي على سرير المرض تتوجع تتأوه,لأول مرة اصمت أمام مرضك ولأول مرة ينتابني شعور القلق حيالك, يا صديقتي هذا الشعور جعلني أقف في حيرة من أمري ولأول مرة أنهار أمام وجعك, من ذا الذي يكسر هذا الصمت.
أتوسل إليك بكل ما تحمله صداقتنا من معنى, وبكل السنين التي كنا معا أن تعودي وتنهضي, فقد آن لك أن تستعدي للعيد, كم أفتقدك يا عزيزتي فقدري أن اقلق وأخاف عليك, لمن أشكو همي على مرضك من سيساعدني على ألمي,انهضي يا سلوى فليس من عهدك اليأس أو البقاء في السرير, عودي إلينا ولا تجعلينا نتكئ على جدار الذاكرة, قولي ستعودين نعم ستعودين لبيتك لزوجك لأولادك, وستزفين ابنتك العروس سماح وأنت في قمة تألقك, ستعودين واثقين بالله وبالسماء نعم ستعودين بضحكتك بابتسامتك بفرحك و بتواضعك, بل بحبك للناس وحب الناس لك.
أكتب كلماتي هذه فيها الترجي في الشفاء, فالكل يترقب أن تشرقي يا سلوى ثانية وتبثي الأنس في أرجاء بيتك, أقول لك عودي لم أتعود عليك ضعيفة حد السكون, و كل ساعة تعانين من المرض ستكون انطلاقة للشفاء العاجل, ويقال إن المرض زائر سرعان ما تنتهي إقامته, ويغادر ولعل زائرك لن يقيم طويلا, ويظل شفائك أملا ستحققه لك السماء طالما تتأملي الشفاء, سأنتظر عودتك فلا تغيبي أو تتأخري, أنا لم أزل منذ اقترفت وجعك تسكنني الهموم والترقب, ولكن الليل يلاحقه النهار وقد تخونني الفكرة عند الفجر, تلك الفكرة المتربعة في رأسي فتخلق هوسا وهاجسا,نعم هاجس خفي يسيطر علي وأنا أراك راقدة, وأشعر بالذنب عندما أخرج عنك وأنا خائفة من تدهور صحتك, أتألم أكثر وأصمت أكثر وسأفرغ دمعي على صفحتي هنا , وكنت أتمنى أن أرسل مع نصي الحزين قارورة من دموعي التي سكبتها, رغم إدراكي إن القلق والتوتر والترقب لا يسكنني لوحدي فأحبائك يحملون نفس إحساسي لك .
كفى يا عزيزتي سلوى غيابا ومرضا ووجعا, سألتقيك سأحضنك وسأهديك شمعة فرح لا تنطفئ, وإن أردت سأهديك باقة ورد بيضاء كبياض قلبك, لن تذبل زهرة صداقتي معك, ولنقبل هذا الوجع ونرضى به لأنه أنجب فيضا من البكاء والدعاء لك, ما زالت ذكرياتنا معا هنا وهناك عالقة في قلبي, ولكني أسألك كيف أنت يا عزيزتي وكيف يتنفس بياضك كل هذه الأوجاع؟ ماذا أقول وأنا أستحلف السماء أن يكون مرضك كسحابة بيضاء جميلة مثلك, والملائكة تحب البياض لتحيط بك بالرحمة يا عزيزتي, فلا تقلقي فأنامل الملائكة ومن بين شقوق السماء تمسح عليك بحنان كي تستفيقي من مرضك, يا ذات الوجه الصبوح الذي يضيء طهرا ونقائا, فالله دائما مع الأتقياء بقلوبهم, فلا يموت من ارتضى لروحه في أكناف خالقه.
في الذاكرة الكثير الكثير من الصديقات ولكن لا أحد من الممكن أن يملأ فراغك,وفي
يقيني ليس هناك أحق وأصدق بالوفاء من الصديق, ولقد علمتني تجربة الحياة إن المشاعر الصادقة وإن اختفت عند البعض اليوم لابد أن تستمر, والحب والتقدير بين الأصدقاء يفوح وينتشر, ولا أرى في ذلك عيبا, ليتني أحكي لكم عن صديقتي الغالية سلوى ماذا احكي وأنا أبكي, أتذكرك جيدا هدوءك وأنت تختلي الوجع وأنت على سرير المرض, تخبريني برغبتك في إقامة وجبة غذاء عند خروجك من رحلة الألم, وتعترفي بأنك في حالة تعب وجهد, وكنت أحصد أوجاعك وترفعي راسك حيث الله وتسأليني عن أمي وبناتي, ما أطهرك ما أطيبك كم أفتقدك بروحك البيضاء, ولا تزال قهوتك تداهمني والتي بقيت عالقة في ذاكرتي, اعذريني كنت أنطق أسمك الحلو بلا ألقاب وذلك لقربك إلى روحي دائما.
هذا قلبي ينشد لك بالدعاء و أرفع يدي إلى السماء قائلة:
يا رب بحق أسمائك الحسنى وكل أسمائك حسنى, يا رب بحق شفاعات الأنبياء والرسل وكرامات أهل البيت, أن يعافي ويشافي صديقة عمري أم ماهر.
صديقة عمرك التي تنتظرك:
غالية محروس المحروس. ملحوظة: كتبته قبل وفاتها وللاسف خدلتنا ولم تعود وتاريخ ٦ شوال ذكري سنويتها السابعة ولا يزال وجعي بذات الحجم، رحم الله من يقرأ لها سورة الفاتحة سلوى بنت بهية رحمها الله.