أخبار الوفيات تكاد لا تتوقف جنازة تلو جنازة؛ مجلس عزاء يعقبه آخر؛ حزن لوعة فراق، رائحة الموت في كل مكان.
كورونا ما زال يختطف الشباب والشابات الآباء والأمهات أطفال يُتِّموا نساء ترمّلن أُسَر فقدت الوالدين معًا منازل أُغلِقت مرضى يرقدون بالعناية المركزة يرجون رحمة الله ولطفه.
أما آن الأوان أن نعود إلى الله أن نراجع علاقتنا بالله أن نجتنب ما حرّم الله؟!
أما آن الأوان أن نحرص على أداء صلواتنا في بيوت الله؟! في زمن أضحت فيه مساجدنا تشتكي الهجران بعدما كانت تغص بالمصلين زمن أصبحت فيه منازلنا مساجدنا.
كفى بالجائحة عبرة أن ندوام على تلاوة كتاب الله في زمن أصبحت فيه المصاحف في طي النسيان يعلوها غبار الهجران.
فلا يُزاح عنها الغبار إلا عند فقد عزيز أو حينما يُبتلى أحدنا بمرض عضال.
أما آن الأوان أن نحرص على المشاركة في إحياء ذكر محمد وآله الأطهار عليهم السلام؟! بالتواجد في الحسينيات (شيعتنا خُلِقوا من فاضل طينتنا وعُجِنوا بماء ولايتنا يحزنون لحزننا ويفرحون لفرحنا) الإمام الصادق (ع).
كفى بالجائحة عبرة أن تحافظ فتياتنا على الحشمة والستر، ولتعلم فتياتنا أن الحجاب فرض من الله لم تفرضه التقاليد والأعراف. حيث قال جل شأنه:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ) [الأحزاب/59].
أي قل لهن يا رسول الله يتسترن بالخمار الذي يغطي جميع بدنهن لكيلا تظهر مفاتنهن للناظرين.
أما آن الأوان أن ننهي قطيعة أرحامنا؟! فكم من أخٍ على خصومة مع أخيه، وكم من أخت على خصومة مع أختها تمتد لسنوات.
صلوا أرحامكم تطُل أعماركم؛ دنيا زائلة لا تستحق الخلافات والعداوات وأعمارنا قصيرة، وما نحن إلا عابري سبيل.
كفى بالجائحة عبرة أن نتوقف عن ظلم غيرنا، فكم من شخص تزوج بأخرى فأهمل زوجته الأولى وحرمها من حقوقها وحقوق أبنائها، وكم من شخص استولى على أملاك غيره، وكم من مدير لم ينصف موظفيه، وكم.. وكم. فلنحذر الظلم فإن عقوبته في الدنيا قبل الآخرة.
أما آن الأوان أن يهدأ طوفان الطلاق ونقلل ضحاياه؟! فكم من طفل أصبح ضحية طلاق لأسباب تافهة لا تستدعي الانفصال.
أما آن الأوان أن يتوقف من اعتاد على أكل أموال الناس؟! في زمن أصبح فيه أكل أموال الآخرين سلوكًا عاديًا بل هواية.
فكم من شخص اقترض مالاً ولم يرده لصاحبه، وكم من شخص أنكر مال غيره. فلنعلم جميعًا أن حقوق العباد أعظم عند الله من حقوقه عليهم.
أما آن الأوان أن نحسن الجوار ونوطد علاقتنا بجيراننا؟! في زمن أصبحت فيه علاقة الجيران يشوبها التوتر والعداء، فقلما تجد جارًا على علاقة طيبة مع جاره؛ لقد تناسينا قول نبينا ـ صلى الله عليه وآله وسلم: “لا زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه”.
وتناسينا وصية إمامنا علي ـ عليه السلام ـ “اللهَ اللهَ فِي جِيرَانِكُمْ، فَإِنَّهُمْ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ”.
ختامًا من المؤسف القول إننا نجتهد ونثابر في دراستنا لنيل أعلى الشهادات لبلوغ أعلى المناصب الوظيفية، ونكدح في هذه الدنيا لنحقق أمنياتنا وطموحاتنا، بينما نغفل عن مصيرنا الأخروي حيث دار القرار إما جنة عرضها السماوات والأرض، وإما نار وقودها الناس والحجارة.
فلنجتهد أعزائي ليوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون كاجتهادنا لدنيانا. “اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا”.
إمام المتقين(ع)
ولنستخلص الدورس والعبر من هذه الجائحة ونراجع علاقتنا مع الله عزّ وجل قبل فوات الأوان.
كفى بالجائحة عبرة (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأبْصَارِ) [الحشر/2]
أسأل العلي القدير أن يزيل عنّا الوباء بجاه أبي الزهراء وآله النجباء، وأن يوفقنا وإياكم لطاعته، وأن يحسن خاتمتنا؛ إنه سميعٌ مجيب.