بدأت مجالس القراءة والذكر بمحافظة القطيف من ليلة الثامن والعشرين من شهر رمضان الجاري بإحياء مراسيم وداع شهر الله بقراءة أدعية الوداع المأثورة وترديد قصيدة وداع شهر رمضان المشهورة التي يبدأ مطلعها بـ: (ودّعوا يا كرام شهر الصيام .. الوداع الوداع يا شهر الله .. وعليه الصلاة وعليه السلام) حيث يستمر القراء في ترديدها إلى ليلة العيد.
وتحمل كلمات القصيدة المعتمد قراءتها في مراسم الوداع ذكر الله عز وجل ونبيه محمد (ص) مع أهل بيته (ع) وطلب الشفاعة لهم من الله وقبول الدعاء وإبعاد المحن والأسقام، بطابع حزين على فراق شهر رمضان، حيث تقرأ بحالة من الخضوع والخشوع، مع استذكار لفضل القيام والصيام والدعاء في هذا الشهر، كما تحث القصيدة على الاستغفار والعودة إلى الله وطلب العفو منه وحسن الخاتمة.
ويحافظ سكان المحافظة بعادة وداع الشهر بهذه القصيدة منذ القدم بطور خاص لها مختلف عن بقية الأطوار المستخدمة في القراءات الحسينية، ومن أسباب المحافظة عليها أيضاً أنها شاملة الدعاء لكل مايرجوه المؤمن، كما أنها تبين حقيقة الوداع لجميع البركات المعنوية المختصة بالشهر الكريم، وتحث على اغتنام أيامه المتبقية بالقيام والدعاء كتنبيه للغافلين حتى ينعموا بقبول الله للتوبة وتنزيله الرحمة عليهم قبل دنو الأجل.
وحكى السيد هاشم القصاب أحد أصحاب مجالس القراءة وممن يؤدون ذكر الوداع لـ”القطيف اليوم” عن عادة الوداع قائلاً “شعور الرجال المشاركين في وداع شهر الله يغلب عليه الحزن لفراقه، وفيه يرددون الأبيات بحرص وتفاعل، وهذه العادة مازالت مستمرة إلى الآن، إلا أنها قديماً كانت تكرر قصيدة الوداع وهم يجولون مسيرات بالطرق، فيما يقتصر البعض على ذكرها في المجالس”.
من جانبها أوضحت الخطيبة الحسينية أميرة الناصر لـ “القطيف اليوم” عن كيفية ممارسة النساء لذكر الوداع منذ القدم بقولها: ” منذ طفولتي كان لي حضور في مجالس العزاء، وكانت أدعية وداع الشهر تبدأ من ليلة ٢٨ وتستمر إلى ليلة العيد، وكانت تلك المجالس تضج بالبكاء لوداع شهر رمضان، وكنا ننتظر الرجل الذي يسمى “بالمسحر” ونحن نغفي ثم نستيقظ مع طرقاته لنسمع كلماته الجميلة التي كلها ذكر لله تعالى”.
وتابعت: في نهاية رمضان يودع “المسحر” الشهر بقصيدة الوداع وتحفه الأطفال للترديد معه بصوت خاشع وحزين لفراق الشهر العظيم، كانت أيام رائعة نفتقد فيها الأرواح الطيبة التي اعتدنا على لقائها، ونفتقدها في هذا الجيل” .
وأشارت الناصر إلى أن بعض المجالس النسائية مستمرةً في ذكر الوداع حتى يومنا الحاضر، كما تضيف معه قراءة الدعاء الوارد عن أهل البيت، مع دعاء ختم القرآن، ولكن الأجواء مختلفة تماماً عن مجالس النساء اللاتي مضين.