كم هي الحياة قاسية على الإنسان المؤمن ولكن بصبره تهون المصائب وتنجلي الهموم والشدائد وها نحن نعيش في زمن صعب تتوارد الأخبار تلو الأخبار وتتتابع عن رحيل الأحبة واحد بعد الآخر ودون وداع بل حتى دون إلقاء النظرة الأخيرة.
لقد فجعنا فجر هذا اليوم الثلاثاء السابع عشر من ذي الحجة الحرام لعام ١٤٤٢ هجريًا بالرحيل المفاجئ للمرحوم العم العزيز الوجيه الحاج سعيد بن علي آل مرار عميد أسرة آل مرار.
هذا الإنسان المعروف بنبله وأخلاقه وكرمه ووجاهته وسمعته الطيبة وسيرته الحسنة. والذي كان يتميز بعدة صفات طيبة ومناقب عالية ومنها على سبيل الإيجاز لا الحصر:
١. عاش حياته منذ صغره مكافحًا من أجل توفير لقمة العيش له ولوالدته العلوية أم سعيد ولإخوانه وأخواته حين رحل عنهم والدهم في سن مبكرة فتحمل المسؤولية الكبرى منذ صغره فكان عصاميًا كادحًا مكافحًا وواصل مسيرته حتى فتح الله عليه أبواب الخير وسعة الرزق وطيب المعيشة.
٢. كان المرحوم أبو محمد دمث الأخلاق جم التواضع واسع الصدر كريم المعشر معطاءً ومساهمًا في وجوه البر والخير والشواهد على ذلك كثيرة، ويكفي أن ديوانيته مفتوحة على مدار السنة لاستقبال الضيوف والزائرين والذين يقدمون له عنوان الحب والوفاء والتقدير لشخصه الكريم كما أنه يحتضنهم بعطفه وحنانه ويستقبلهم بأخلاقه الحسنة ومعاملته الطيبة وابتسامته المشرقة وأحاديثه الشيقة وأسلوبه المميز الذي يجذبك إليه ولا تمل من مجالسته ولا تخرج من عنده إلا بفوائد كثيرة ودروس قيّمة من خلال ما يسرده لك من أحداث عاصرها ومواقف عايشها كلها مليئة بالعبر والدروس.
كم قد أفدت منه رحمه الله ومن أحاديثه وقصصه الشيقة حينما كنت أزوره في ديوانيته بين الفينة والأخرى.
٣. كان المرحوم خادمًا للإمام الحسين عليه السلام طوال حياته بإقامة المجالس الحسينية على المعصومين عليهم السلام في أفراحهم وأتراحهم وإن دل هذا على شيء فهو دليل على ولائه وحبه لهم عليهم السلام وبذل ما يملك من أجل إحياء أمرهم وتخليد ذكرهم وهو قليل في حقهم عليهم السلام.
روى الشيخ الصدوق رضوان الله عليه:
[عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول: رحم الله عبدًا أحيا أمرنا فقلت له: وكيف يحيي أمركم؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا]. (عيون أخبار الرضا (ع) ج ١ ص ٢٧٥).
٤. كان المرحوم أحد المؤسسين والداعمين والمشرفين على مسجد الحمزة عليه السلام في منطقة الناصرة “ج” وهو ثاني مسجد أقيم في منطقة الناصرة بعد مسجد الإمام الحسين عليه السلام في منطقة الناصرة “د”. وبالإضافة لإقامة صلاة الجماعة في هذا المسجد المبارك، تقام هناك المناسبات الدينية من مواليد ووفيات أهل البيت عليهم السلام ومجالس العاشوراء وغيرها على مدار العام.
وقد واصل المرحوم مع اللجنة الإدارية في الإشراف على هذا المسجد والتصدي لشؤونه إلى حين وفاته.
٥. كان من المكثرين لزيارة العتبات الشريفة والأماكن المقدسة سواء في المملكة أو خارجها وعلى مدار السنة لا ينقطع عن زيارتهم ويعتبرها من باب أداء الواجب لما لهم من حقوق كبرى على كل إنسان مسلم وموالٍ لهم. كما أنه يثني بزيارة مراجع الدين والعلماء ويلتقيهم في كل زيارة.
٦. خلف المرحوم أولادًا صالحين حسني السيرة والسريرة تربوا على الإيمان والعقيدة الصحيحة وحب الناس والبر بوالدَيهم وقد وفقهم الله لخدمة المجتمع كل حسب طاقته ووسعه. وأكثرهم من القائمين على إدارة مؤسسة والدهم الحاج سعيد آل مرار التجارية في عدد من فروعها في المنطقة.
وهذا من توفيق الله تعالى أن يرزق الإنسان بأولاد صالحين بارين بوالدَيهم وباذلين جهدهم لخدمة والدهم وخاصة بعد وفاة المرحومة والدتهم أم محمد. جعلهم الله خير خلف لخير سلف.
رحم الله فقيدنا السعيد الحاج سعيد رحمة واسعة ورفع درجته في الجنان بما قدم وأعطى وخدم وساهم في كثير من وجوه البر والإحسان
وألهم قلوب أهله وفاقديه ومحبيه الصبر والسلوان.