إن من يملك ملكة الإقناع حاز الشيء الكثير إذ بها تنجز الكثير من المهمات وهذه الملكة ينبغي أن يتحلى بها جميع الناس، وخصوصًا الأطباء ويدرسوا آليتها ويعملوا على تنميتها وإتقانها فهم بحاجة لها في كثير من الأحيان لمصلحتهم ومصلحة مرضاهم مثل الحاجة لإجراء بعض العمليات أو عند الرغبة ببدء العلاج فبعض الأحيان تكون المهمة صعبة على الأطباء في إقناع بعض المرضى لأن بعض الإجراءات مصيرية لهؤلاء المرضى، ومن هنا يلجأ الأطباء أحيانًا لبعض المرضى ممن أصيبوا بمثل ذلك المرض أن يشرحوا لنظرائهم الذين أصابهم المرض حديثًا وعادة هذا يكون نهجًا أفضل وأكثر إقناعًا لأنهم عايشوا المرض وتطوراته لأن الإقدام على العلاج مع القناعة يكون أكثر فاعلية.
أما أن يتبرع المريض بأخذ هذا الدور دون إيعاز من أحد فهو أمر جدير بالذكر وهذا ما قام به أحد المرضى ممن أصيبوا بمرض كورونا، حيث إن هذا المريض تم تنويمه في المستشفى بسبب المرض وأدخل للعناية المركزة في غرفة بمفرده معزولًا عن العالم حيث فر منه أقرب المقربين من الأهل والولد وهنا تذكر قوله تعالى في سورة عبس {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36)}
وتصور كأنه في القبر وتذكر المقولة: “فأصبحت لا تزور ولا تزار” وينظر لنفسه حسرة في أنّةٍ وعويل وفي حالة صعبة لا يهنأ ولا يستطيع الأكل ولا الشرب ولا النوم ولا الحركة، وأصبح لا يستطيع لنفسه حولًا ولا قوة ولا نفعًا ولا ضرًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا ينظر لنفسه حسرة لا يستطيع أن يتحرك ويجد صعوبة في التنفس فحينها تذكر تلك النعم التي أنعم الله بها عليه وقال في نفسه: كم من نعم أنعمت بها عليَّ يا رب وهي كثيرة وكبيرة وغير منقطعة وكم أنا مقصر في حقك يا رب وكم أنا عاجز عن عدها واستقصائها فضلًا عن شكرها، هنا تذكر مناجاة الشاكرين للإمام السجاد عليه السلام: “إلهِي أَذْهَلَنِي عَنْ إقامَةِ شُكْرِكَ تَتابُعُ طَوْلِكَ، وَأَعْجَزَنِي عَنْ إحْصآءِ ثَنآئِكَ فَيْضُ فَضْلِكَ، وَشَغَلَنِي عَنْ ذِكْرِ مَحامِدِكَ تَرادُفُ عَوآئِدِكَ، وَأَعْيانِي عَنْ نَشْرِ عوارِفِكَ تَوالِي أَيدِيكَ، وَهذَا مَقامُ مَنِ اعْتَرَفَ بِسُبُوغِ النَّعْمآءِ، وَقابَلَها بِالتَّقْصِيرِ، وَشَهِدَ عَلى نَفْسِهِ بِالإهْمالِ وَالتَّضْيِيعِ” (م. الجنان).
وبعد مرضه هذا الذي طال لمدة شهرين متتابعين قضى منها أسبوعين في العناية المركزة وأسبوعين في الجناح في صراع مرير ومضنٍ مع المرض خرج من المستشفى وعنده شعور بأنه قد ولد من جديد تذكر قوله تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99)} [المؤمنون].
وبعدها تحسن ولكن ببطء على مدى شهر ولما تماثل للشفاء كان أول ما يقوله لمن يسأل عنه أو يزوره: هل أخذت تطعيم كورونا أم لا؟ إذا كنت تحب نفسك فعلًا وتخاف على أحبائك والناس توجه للتطعيم.
ويقول: إذا كان لي حق عليك وتعزني فتوجه للتطعيم فورًا، إن المرض شديد شديد شديد وخطير خطير جدًا لقد رأيت الموت مرات ومرات. ويصمت بعدها ويتأوه. وكم صمت أبلغ من مقال!
العبرة من القصة:
أخذ العبرة من الآخرين، استمع لمن أخلص لك النصح، عدم التهاون في الالتزام بالإجراءات الاحترازية، الإصابة بالمرض مع التطعيم أخف وطأة على المصاب.
حفظ الله الجميع.