من الشائع وجود غريزة أمومية لدى كل أم، وتبدأ هذه الغريزة منذ وجود الأجنة في بطون أمهاتها.
فمن وجهة نظري أن الغريزة الأمومية هي سلوك فطري غريزي أوجده الله في الأمهات سواء البشر أو الحيوانات.
والبعض تبدأ الغريزة لديها أثناء الولادة والرضاعة الطبيعية للأم لأنها تطلق هرمون الاوكسايتوسين وهو هرمون الحب.
ولكن ليس من الشائع أن تنبت هذه الغريزة في قلب النساء الذين لم يأتهم الحمل والمخاض وما إلى ذلك.
فهناك نماذج كثيرة قدمت هذه الغريزة وكأن من أمامها هم صغارها، نشأت وكبرت وترعرعت وأصبحت أركز على هذه الغريزة، فوجدت أن الغريزة قد تبدأ لدى إحدى النساء أثناء ولادة أبناء أخواتها، وربما تنشأ هذه الغريزة حباً في الطفل.
لكن بدأت أُيقن هذه الغريزة بعد تناولي الطعام بملعقة واحدة مع أبناء خالاتي من يد من تقدم شعور الأمومة، فانغرز في داخلي شعور الأخوة.
وأيضاً لقد مرضت مراراً أثناء طفولتي ولقد كانت والدتي تعمل لتكسب لقمة عيشنا، فكان لدي في هذا الوقت بديل يصحبني إلى الطبيب.
ولطالما أخذتني للعب والتنزه، ولقد لعبت معها ألعاباً عدة، وحكت لي حكايا فيها من العظة والعبرة والبعض فيها حس من الدعابة والفكاهة.
ولقد كانت تقدم لي النصائح لكي تراني شخصاً جيداً، رأيتها حزينة دوماً عندما تعرف أن أحداً من أولادها يعاني من مرض ما، رأيتها تدعي وتبكي على سجادتها أثناء صلاتها.
علمتني الدين والأخلاق والصلاة والدعاء وغيرها من الأمور الصالحة.
ولقد كانت تعد الطعام الذي أحبه، كانت سعيدة جداً وهي ترانا نأكل حتى وإن أنهينا الطعام كلهُ عنها.
لقد اهتمت بنظافتي الشخصية وعلمتني دخول الحمام بمفردي وغسلت لي ملابس عدة، لقد نمت في غرفتها الدافئة.
وأيضاً كنت أجدها درعاً صامدة لمن يشاجرني ويحزنني.
وعندما كبرت قليلاً وجدتها تشجعني لأرتقي في دراستي، وكانت تواصل السؤال عن أحوال دراستي، وعندما كنت أقع في عثرات الدراسة كانت تحاول بنائي مجدداً بالتحفيز.
وعندما بدأت بقيادة السيارة، بدأت تشجعني وكانت تخاف علي من التأخر للذهاب للمنزل، وإن تأخرت تبقى لتنتظر اتصالاً حتى تطمئنَ.
كانت حريصة جداً على أن أبقى باراً بوالديَ ولطالما أعطتني العديد من الهدايا.
فهل تعد هذه غريزة أمومية بها؟ نعم فإن أنكرت ذلك فيعد أنني أنكرت مسيرتها الأمومية المكتسبة.
فأقول في نهاية المقالة: شكراً أمي، لن أقول غير الأم لأنكِ بالفعل تستحقين كلمة الأم، لأنكِ فعلت كل عمل تعمله الأم الفعلية، سواء الولادة والرضاعة الطبيعية.
أهدي هذه المقالة خصيصاً لكل خالة وعمة قدمت غريزتها الأمومية لأبناء إخوتها، وأنا أخص هذا الإهداء (لوالدتي الحبيبة جميلة أحمد البزاز – ولجدتي سلمى إبراهيم آل خيري – ولبنات الحاج المرحوم أحمد جعفر البزاز).