المرحوم الملا سعيد الخاطر صاحب المبادرات المباركة

فقدت القديحُ صبيحة يوم الاثنين الموافق 1442/12/2هـ شخصية اجتماعية فذة ليس على مستوى بلدتنا القديح فحسب بل على مستوى المنطقة.

فقد امتاز فقدينا العزيز بمناقب متعددة، أبرزها حبه الصادق لمجتمعه، فلا تكاد تجد عملًا اجتماعيًا أو دينيًا ببلدة القديح إلا وللعم أبي الدكتور ناصر ـ رحمه الله ـ بصمة حقيقية فيه.

نشاطه الاجتماعي:
ـ كان من المؤسسين الأوائل للمجلس التأسيسي الأول لجمعية مضر الخيرية بالقديح، وذلك عام 1387هـ ـ كما أخبرني بذلك رئيس جمعية مضر الأسبق الأستاذ الفاضل عبدالكريم بن الحاج محمد علي الشيخ ـ حفظه الله ـ والذي ضم تسعة أعضاء في تلك الفترة، وهم: المرحوم الحاج محمد سعيد الناصر – رحمه الله ـ رئيسًا ـ المرحوم الحاج علي بن سلمان نصيف ـ رحمه الله ـ نائب الرئيس ـ فقيدنا المرحوم الملا سعيد ناصر الخاطر ـ رحمه الله ـ أمين الصندوق ـ الأستاذ الحاج عبد الكريم محمد علي الشيخ ـ حفظه الله ـ أمين السر ـ المرحوم الحاج حسن محمد العبيدي ـ رحمه الله ـ عضوًا ـ الأستاذ السيد محمد السيد علي الشرفاء ـ حفظه الله ـ عضوًا ـ الحاج موسى جعفر الدشيشي ـ حفظه الله ـ عضوًا ـ المرحوم الحاج أحمد علي آل غزوي ـ رحمه الله ـ عضوًا ـ المرحوم الحاج أحمد آل عبدالرسول ـ رحمه الله ـ عضوًا.

كما كان فقيدنا العزيز من المؤسسين الأوائل للجنة الاحتفالات الدينية ببلدة القديح، التي كانت تقيم احتفالات مواليد الأئمة ـ عليهم السلام ـ لسنوات طويلة في مساجد وحسينيات بلدة القديح.

وكان لهذه اللجنة الدور الكبير أيضًا في إحياء احتفالات الزواج ببلدة القديح ـ التي انحسرت مظاهرها في هذه الأيام. إضافةً لإحيائها لاحتفالات تأبين العلماء والشخصيات الاجتماعية الراحلة. فقد عرفت بلدةُ القديح ـ الراحل العزيز ـ خطيبًا مفوهًا ومقدّمًا متميزًا في الإلقاء وعرافة الاحتفالات، فقد كان يرتجل التقديم والإلقاء بكل سلاسة، تساعده في ذلك ثقافته الإسلامية والأدبية الواسعة، ومهارته الخطابية، فهو خطيب من خطباء المنبر الحسيني المجيدين ببلدة القديح، فقد تتلمذ على يد أستاذين متميزين من أساتذة المنبر الحسيني، هما: العلّامة الخطيب الشيخ الميرزا حسين البريكي ـ رحمه الله ـ في علوم العربية، والخطيب الحسيني الملا حسن المقيلي ـ رحمه الله ـ في فن الخطابة الحسينية، كما ذكر ذلك الشيخ عبدالعظيم الشيخ ـ حفظه الله ـ في كتابه (أربعون الوالد وملاحق قديحية، ص 80ـ81).

ـ كما كانت مشاركات تأسيسية لمشاريع اجتماعية أخرى ببلدة القديح هو وبعض العاملين بالقديح كنادي مضر الرياضي وكمشروع الزواج الجماعي وغيرها.

مبادراته التعليمية والتربوية وتشجيعه للرياضة
– سمعتُ منه ـ رحمه الله ـ في إحدى الزيارات عن مساعيه الحثيثة مع الأستاذ علي بن الشيخ حسين القديحي ـ رحمه الله ـ ومطالبتهما في افتتاح مدارس بالقديح، وقد وفقا لذلك، فتم افتتاح مدرسة سلمان الفارسي الابتدائية التي كانت تحمل سابقًا اسم (مدرسة القديح الابتدائية) وكان ذلك في سنة 1379هـ تقريبًا، وكانا لهما دور كبير في حث الأهالي على التحاق أبنائهم بالتعليم النظامي،
وكان له دورٌ مشهود في التواصل مع وزارة المعارف آنذاك ـ مطالبًا بافتتاح مدرسة للمرحلة المتوسطة وأخرى للثانوية ببلدة القديح، حتى إن بعض الإجراءات تطلبت منه ـ رحمه الله ـ السفر إلى الرياض لمقابلة وكيل الوزارة لتذليل العقبات لأخذ الموافقة، فلم يألُ جهدًا في ذلك، فسافر إلى الرياض، لمقابلة وكيل وزارة المعارف، وقد تكللت جهوده المباركة بالنجاح، فتمت الموافقة بافتتاح المدرستين.

ـ عندما كنتُ معلمًا في ثانويتي القديح ودار السلام بالقديح كنت أرى المرحوم العم الملا سعيد ـ رحمه الله ـ من الزائرين الدائمين للمدارس رغم ارتباطاته الكثيرة، يوطد علاقته بإدارة المدارس ومعلميها، وكان من الداعمين للبرامج على المستويين المادي والمعنوي.

ـ وكان ـ رحمه الله ـ من الداعمين الأوائل لمهرجان التألق لتكريم المتفوقين والمتفوقات التابع لجمعية مضر الخيرية بالقديح لعدة سنوات، وكان حريصًا على مشاركة الطلاب المتفوقين فرحتهم، فيتجشم الحضور سنويًا رغم ظروفه الصحية.

ـ كان مشجعًا أيضًا للرياضة والرياضيين من خلال دعمه المادي والمعنوي لنادي مضر، محتفيًا بكل إنجاز، يدعو اللاعبين وإدارة النادي لمجلسه العامر، ويشحذ همم اللاعبين بكلماته المحفزة.

تميزه الثقافي:
إضافة إلى هذا كله ـ فراحلنا العزيز ـ من طليعة المثقفين في بلدة القديح والذي كان له شغف كبير بالقراءة والكتاب، ساعده على ذلك ملازمته للعلماء والأدباء والأساتذة الخطباء منذ ريعان شبابه، وقد كوّنَ مكتبةً شخصية تربو على ألفي كتاب تقريبًا.

وفقيدنا العزيز يمتلك شخصية عصامية متميزة، فرغم ارتباطه بالوظيفة والأسرة والأنشطة الاجتماعية المتعددة إلا أنه سعى جاهدًا للحصول على درجة الليسانس في الأدب العربي من الجامعة الأمريكية ببيروت عن طريق الانتساب.

وظيفته في شركة أرامكو:
كان عمله في شركة أرامكو متميزًا، مقارنة ببقية الموظفين، فقد كان عمله الوظيفي موافقًا لميوله الثقافية والأدبية، فقد عيّنته الشركة مسؤولًا لمكتبتها بالظهران، ولما عرف عنه من جدارة وتطوير، أصبح بعد ذلك مسؤولا لمكتبات أرامكو في (الظهران، ورأس تنورة، والسفانية، وبقيق، والعضيلية).

مقالاته:

وأنا أكتبُ هذه الأسطر في حق فقيد الوطن ـ رحمه الله ـ قمتُ بتصفح بعض الكتب التي بحوزتي التي تتحدث عن تراجم بعض شخصيات المنطقة لعلي أجدُ مقالًا له هنا أو هناك فوجدت بالفعل بعض مقالاته ـ وهي عبارة عن الكلمات التي كان يلقيها في الاحتفالات التأبينية لعلماء القطيف وشخصياتها، وهي كالتالي:
1ـ كلمة تأبينية بمناسبة رحيل الفقيه الشيخ حسين القديحي ـ رحمه الله ـ المتوفى (1387هـ) بعنوان (علة الحياة الوجدانية)، راجع: كتاب (ذكرى أبي)، تأليف : الأستاذ علي الشيخ حسين القديحي ـ رحمه الله ـ، المجلد الثاني، ص275ـ276، منشورات مؤسسة الهداية، منشورات مكتبة بحر العلوم، الطبعة الأولى 1425هـ، 2004م.
2ـ كلمة تأبينية بمناسبة ذكرى أربعين الفقيه الشيخ حسين القديحي، بعنوان
(من وحي الإيمان)، المصدر السابق نفسه، ص 277ـ 278.

3ـ كلمة تأبينية بمناسبة رحيل الحجة الشيخ فرج العمران ـ رحمه الله ـ، المتوفى سنة (1389هـ)، راجع: مجلة التراث، المجلد 3، ص 160ـ161، إعداد ونشر، شركة دار المصطفى لإحياء التراث، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1422هـ، 2001م.
4
ـ كلمة تأبينية بمناسبة رحيل الأستاذ علي بن الشيخ حسين القديحي ـ رحمه الله ـ المتوفى سنة (1404هـ) بعنوان (ذكرى بطل) راجع: كتاب ( ذكرى أبي )، تأليف: الأستاذ علي الشيخ حسين القديحي، المجلد الأول، ص 53ـ54.

5ـ كلمة تأبينة في حق الشيخ علي الشيخ جعفر أبو المكارم ـ رحمه الله ـ المتوفى سنة (1364)هـ، راجع: كتاب دراسة الأحياء على ضوء حياة المقدس الشيخ علي الشيخ جعفر أبو المكارم ـ رحمه الله ـ بقلم: الشيخ سعيد أبو المكارم، المجلد الثاني، ص 95ـ 100، الطبعة الأولى، 1418هـ، 1998م، دار الأوجام للطباعة والنشر، بيروت، لبنان.

6ـ تقديمه لكتاب (أدباء في ذمة التاريخ) للأستاذ عيد محسن آل حيان.

ونهيبُ بأبناء العم البررة الأطباء والمهندسين والأساتذة ـ حفظهم الله ـ بجمع كتابات والدهم الملا سعيد ـ رحمه الله ـ المنشورة، وغير المنشورة، مع كلمات التأبين والعزاء، في كتاب واحد، ليفيد من سيرته المباركة أبناء المجتمع.

الملا سعيد الجار المحب لجيرانه.
كان منزلنا في القديح يقع في الحي الشرقي منه، وكان منزل الملا سعيد ـ رحمه الله ـ بجوار منزلنا، فقد كان نعم الجار المحب لجيرانه، كان يعد أبي الحاج حسن وعمي الحاج علي أبناء الحاج مهدي المطرود ـ رحمة الله عليهما ـ إخوانه، وكان يناديهما بإخواني، وكانا يبادلانه نفس المشاعر الأخوية، وكان يعد إخواني وأبناء عمي كأبنائه وأخواتي بناته.

وكذلك هي أخلاق زوجته العمة أم الدكتور ناصر ـ خادمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ أطال الله عمرها ـ وكذا أبناؤه وبناته ـ حفظهم الله جمعيًا.

لم ينقطع تواصله مع عائلتنا أبدًا حتى بعد انتقالنا حي الناصرة، فقد كان يزورنا بين الفينة والأخرى، ويتفقد أحوالنا مع أبنائه رغم ظروفه الصحية، ولم نكن نسمع منه يومًا من الأيام لومًا أو عتابًا رغم تقصيرنا في التواصل وهذه الأخلاق الحميدة الأبوية هي ما لمسه أبناء القديح منه بكل صدق.

نسأله تعالى لأبنائه الخيرين أن يسيروا على دربه، وأن يكملوا ما كان يصبو إليه رحمك الله أيها العم العزيز رحمة الأبرار، وحشرك مع محمد وآله الطاهرين وعظم اللهُ أجرَ عائلتك الكريمة بهذا المصاب الجلل.



error: المحتوي محمي