رحيل الكريكيش

الحاج أحمد بن عيد الكريكيش من أهالي القديح/ محافظة القطيف رجل الكفاح والنخوة والمعروف في بلد الحب والوفاء رحل عنها يوم الخميس ١٤٤٢/١٢/٥ هجرية، وربما الكثير من أبناء بلده لا يعرفونه وبالأخص الأجيال المتأخرة لأنه ليس من ذوي الثروات والبروز أو من الأهداف والتيارات الشبابية المتعارفة اليوم أو هم ممن يرافقه في مهنته أو يطلع عليها بل البعض ينظر إليه بدونية وتشاؤم “لأنه حفار القبور” عقول متخلفة لعجزها تحاول سلب المكرمات والحقائق من أصحابها وهنا أقول من عرفه فقد عرف أفعاله وأعماله التطوعية وجهاده.

ومن لم يعرفه هنا أعرّفه به؛ هو المرحوم السعيد، قدم من الأعمال لمجتمعه ما لم يقدمه بذلة الأموال أو مقدمي الإصلاح وإن كثرت وذلك لأن صاحب المال يقدم جزءًا من ماله والساعي بالكلمة الطيبة بلباسه وتحت سقف يحميه في صيفه وشتائه أما فقيدنا فقد قدم كل ما يملك مع العناء ودون انتظار كلمة شكر من أحد أو يتعرف على المعني بخدمته المقدمة، ضحّى بوقته وراحته وربما حرم نفسه من كسب قوت يومه وتحمل حرارة الشمس وعطش الهجير وبرد الشتاء والأمطار الساقطة وصقيعها عند قيامه بمهمته الرئيسية التطوعية هذه (حفر قبور الموتى) دون مقابل فهل بقي بعد هذا شيء يقدم؟!

كان رحمه الله يبادر بمجرد السماع قبل الطلب وكم من الأيام لقساوة الجو عزف الجميع عن هذا العمل ولو عرض ذوو المتوفى أموالًا لمن يقوم بهذه الخدمة ما وجدوا لكن لسان حال من نتكلم عنه يقول لا تعطيل وأنا موجود جهزوا فقيدكم وأجهز ملحودته، أمضى نصف قرن دون أن يشعر أحدًا بما يعاني ويلاقي من متاعب ولا أظن أنه في يوم أحد سأله ما حاجتك؟

أيضًا كان يتوجه بكل حب واشتياق للطبخ في المناسبات الدينية والتي متاعبها لا تقل عن سابقتها، وقد واصل مشواره في الحالتين حتى وفاته.

والملاحظ على أبي إبراهيم رحمه الله سرعة حركته في مهامه كلها وإنجازها، رحمك الله وجزاك خيرًا وإحسانًا وجعل الجنة مأواك، نعم هذا ما قدمت وهو عمرك بأكمله فماذا قدمنا لك؟ لم نقدم شيئًا وإنما أنت من قدِم على رب كريم غفور رحيم رجوت بأعمالك في الدنيا ثوابه في الآخرة تاجرت مع الله تعالى فربحت، تجارتك لن تخيب وهي لك مضاعفة تنتظرك وحسين عليه السلام يحييك إن شاء الله ويشفع لك.

فقدك خسارة وغيابك حسرة ألم للجميع لمن يقدر المعروف ويعرف قيمته لروحك الفاتحة.



error: المحتوي محمي