كفانا الله وإياكم كلّ بلوى، لكن من منا يضمن ألا يحوجَه الدّهر – هوَ أو من يحب – نقل دم من عند غيره؟ لهذا عندما مرَّ يومُ أمس، الرَّابع عشر من حزيران، وهو اليوم العالميّ للتبرع بالدم، قمنا إجلالًا وإكرامًا لمن يتجاوز نفسَه فيتبرّع أو ينظِّم أو يساهم بشكلٍ من الأشكال في إعطاءِ دمٍ لإنسانٍ آخر، يعرفه أو لا يعرفه. والأجمل من هؤلاء من يعطي كبدًا أو كُلى أو عضوًا آخر لمريضٍ آيسَ من الشِّفاءِ فإذا به يعود للحياةِ نضرًا معافى!
الحقّ يقال، إن مجتمعنا من أكثرِ المجتمعات سخاءً وعطاءً بالدم والأعضاء لمن يعرف ولمن لا يعرف. في كلِّ يوم نرى من هذا المجتمع من يُعطي للحياةِ بعدًا قِيَمِيّا، ويهب من دمه كميَّات تجري في عروقِ من يحتاجها دون أن يعرف في أيّ إنسانٍ تجارى ذلك الدّم.
في هذا اليوم، دعوة لمن أراد أن يجري دمه كالماءِ في سواقي الحياة – بل أعظم – املأوا المخازن فالله سوف يملأ صحائفكم حسنات، هلمّوا وشاركوا. أجل، فهذا الماء الملّون – الدّم – ينقذ الكثير من أرواحِ أهلنا كل حينٍ من الموت، صغارًا وكبارًا، ويساعد في إطالة أعمار مرضانا المصابين بحالاتٍ تستدعي نقل دمٍ متكرر. إن أبوابًا كثيرة يفتحها الله لإحياءِ النفوس، واحدًا منها كميّة محسوبة من دمنا، لا تضرنا لكنها تحيي غيرنا بإذنِ الله. أما المتبرعون، فلو علموا كم من الفوائد الصحيَّة أدركوا بتبرّعهم بدمهم لما توقفوا عن التبرع!
مرَّة ثانية نقول: شكرًا لمن أعطى دمًا أو عضوًا من جسده، فهو الذي جعله الله سببًا لينهضَ الميِّتُ من قبره ويعود للحياةِ روحًا وجسدًا وقوةً ونشاطًا.
تقول منظمة الصحة العالمية عن هذا اليوم ما نصه: “تحتفل البلدان بأنحاء العالم كافّة كل عام باليوم العالمي للمتبرّعين بالدم الموافق ليوم ١٤ حزيران/ يونيو. وهذه الفعالية السنوية هي بمثابة مناسبة تُزفّ فيها آيات الشكر إلى المتبرّعين طوعًا بالدم من دون مقابل لقاء دمهم الممنوح هديةً لإنقاذ الأرواح، ويُرفع فيها مستوى الوعي بضرورة المواظبة على التبرّع به ضماناً لجودة ما يُوفّر من كمياته ومنتجاته المُتبرّع بها ومستوى توافرها ومأمونيتهَا لمَن تَلزمهم من المرضى”.