الإمام الصادق كما نعرفه نحن!

ليس من ريبٍ في أن البحث في التاريخ الإسلاميّ مدعاة للفخر، وإذا كان علماء الاستشراق في أوروبا أوغلوا في البحث عن أصول الحضارة الإسلامية، فما أجدرنا نحن أن نعطي حضارتنا حظاً من التنقيب – بقدر ما نستطيع – حتى إذا كان ذلك يأخذ شكل مجهودٍ شخصي، كورقة عمل أو بحث مقاليّ، نُسلط الضوء على بعضٍ من الصور البارزة التي أشرقت من بين أودية العرب ودهاليزها المظلمة، فأضاءت للإنسانية خطواتها العلمية.

إنّنا إذا ذكرنا الإمام الصادق عليه السلام، فسوف نعرّج على شخصية رائدة في تاريخ الفكر والعلم والبحث المتشعب من ألف باب في مختلف العلوم.

ورث الإمام الصادق المناقب العلمية من أسمى قطافها وأغزر منابعها، فلا غرو أن نضعه في مقدمة العلماء الأفذاذ، فهو سليل بيت النبوة ووارث علومها ومناقبها.

يقول الجاحظ في كتابه “رسائل الجاحظ”: “فجّر الإمام الصادق ينابيع العلم والحكمة في الأرض، وفتح للناس أبوابًا من العلوم لم يعهدوها من قبل، وقد ملأ الدنيا بعلمه”.

لقد اتّسعت حركته العلمية اتساعًا غير معهود، فشملت جميع المناطق الإسلامية وكلّما ازدادت تأججًا واستعارًا توافدت على المدينة المنورة الأفواج من الناس تطرق أبواب علمه وتسرع الخطا للقاء بمؤسس العلوم آنذاك، إذ بلغ عدد تلاميذه أربعة آلاف تلميذ، وكان من بينهم أئمة المذاهب الإسلامية مثل: مالك بن أنس، وأبي حنيفة وغيرهم من العلماء والمحدثين والفقهاء كأيوب السجستاني وشعبة بن الحجاج.

لقد فتح الإمام أبواب التخصص العلمي على مصراعيها، كما رجّح الباحثون أن السبب الجوهري خلف الاعتراف بإمامته نشاطه العلمي وبروزه الفذ على صعيد المعارف، فإقبال المسلمين على الفقهاء والعلماء للتعرف على التشريعات الإسلامية وما يندرج تحتها من حقوق وواجبات ساعدت الإمام في مباشرة عمله الرسالي كإمام معصوم، بل إنه افتتح نشاطه الحركي في صفوف المجتمع بجهوده العلمية الجبارة ومدرسته العلمية الرائدة، مُخلفًا للأمة الإسلامية ثروة ثقافية عظيمة نعرفه من خلالها ونقوم بتجنيد الجهود والمال لنعرف الإمام كما ينبغي.


المصدر:
الأئمة الاثنا عشر
دراسة تحليلية
عادل الأديب



error: المحتوي محمي