احذروا الانتكاسة الدينية بعد شهر رمضان

كان مواظبًا على أداء الصلاة في وقتها. في كل يوم يقرأ جزأين من القرآن الكريم. يقرأ الأدعية، وغيرها من الطاعات. إلا أنه بعد شهر رمضان تبدأ هذه الطاعات تقل تدريجيًا إلى أن تختفي من يوميات الكثير منا، ولذا علينا أن نقرر المحافظة على المكتسبات وتنميتها وتأصيلها في نفوسنا، من خلال النقاط التالية:

المطلوب قليلاً من العمل
إن من طبيعة نفس الإنسان التذبذب في العمل، فهي لا تبقى على وتيرة واحدة، ولذلك ينبغي التعامل مع إقبال النفس أو إدبارها بطريقة مناسبة تهدف إلى الاستمرارية في العمل.

لذلك ينبغي تغيير آلية العمل المكثف في شهر رمضان والاكتفاء بالعمل القليل الذي يضمن لنا استمرارية الطاعات كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): “إن النفس ملولة، وإن أحدكم لا يدري ما قدر المدة، فلينظر من العبادة ما يطيق، ثم ليداوم عليه، فإن أحب الأعمال إلى الله ما ديم عليه وإن قل” (1).

لا تهجر القرآن
قراءة القرآن الكريم بصورة يومية له العديد من الآثار الإيجابية على الإنسان بوجه عام، ومن أهم هذه الآثار هي صفاء الذهن، وبعث الطمأنينة للقلب، وخلو النفس من الهموم، ولذلك ينبغي ألا يدع الإنسان قراءة القرآن يقول تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [سورة المزمل/20].

ومهما كانت انشغالات الإنسان إلا أنه ينبغي أن يخصص له وقتاً لقراءة القرآن، فعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: “ما يمنع التاجر منكم المشغول في سوقه إذا رجع إلى منزله ألا ينام حتى يقرأ سورة من القرآن، فيكتب له مكان كل آية يقرأها عشر حسنات، ويمحو عنه عشر سيئات” (2).

استمر في الصيام
يعد الصوم أحد العبادات التي تقربنا إلى الله تعالى وله من الأجر والثواب العظيم فهو محطة لغفران الذنوب، وحري بالإنسان أن يتزود من هذه المحطة وذلك بالصيام المستحب فقد ورد عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): “من صام يومًا تطوعًا ابتغاء ثواب الله وجبت له المغفرة” (3).

وعن الإمام علي (عليه السلام): “إن الله تبارك وتعالى أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة، وأتم صيام الفريضة بصيام النافلة” (4).

وإذا كان الإنسان قد حفظ حواسه وجوارحه عن المعاصي في شهر رمضان فحري به أن يستمر على هذا النوع من الصيام كما يقول الإمام علي (عليه السلام): صوم النفس إمساك الحواس الخمس عن سائر المآثم، وخلو القلب من جميع أسباب الشر (5).

لا تهجر المسجد
المسجد هو ذلك المكان الذي يبعث في ذاتك التقوى والخشوع والطمأنينة، المسجد هو ذلك المكان الذي يزيد في رصيدك من الحسنات، والصلاة جماعة في المسجد لها الأجر والثواب العظيم كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): “من مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكل خطوة سبعون ألف حسنة، ويرفع له من الدرجات مثل ذلك، وإن مات وهو على ذلك وكل الله به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره، ويؤنسونه في وحدته، ويستغفرون له حتى يبعث” (6).

ختاماً علينا أن نتذكر أن العِبرة في الاستقامة كما يقول تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت 30].

ويقول الإمام علي (عليه السلام): العمل العمل، ثم النهاية النهاية، والاستقامة الاستقامة (7).


الهوامش:
(1) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 3 – الصفحة 2126
(2) بحار الأنوار/ ج89، ص202
(3)، (4)، (5) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – الصفحة 1687
(6) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – الصفحة 1259
(7) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 3 – الصفحة 2642



error: المحتوي محمي