في نهار شهر رمضان امتدت يده العابثة بطعنة سددها نحو صدرها أردتها قتيلة، قصتها باختصار من “استوصوا بالنساء خيرًا” إلى قتلهن وتهميش حمايتهن من تلك الذئاب البشرية التي تستأسد على النساء الضعيفات بتهديدهن وقتلهن.
فرح أكبر امرأة كويتية في مقتبل عمرها ثلاثينية متزوجة تعمل معلمة وتعيش مع أسرتها الصغيرة بسلام، طرأ على حياتها المستقرة الهادئة صَرْصَر عاتية قوضتها فأردتها صريعة. ساقه القدر ليكون سببًا في مغادرتها للحياة في هذا الشهر الكريم.
لماذا قُتلت فرح؟
بدأت قصّتها عندما صادفها وأراد الزواج منها، فأوضحت له أنها امرأة متزوجة وبالرغم من ذلك فقد استمر بمطاردتها مما جعلها تلجأ للقضاء، فقدمت العديد من الشكاوى ضده، وتمّ حبسه لكنه خرج بكفالة واستمر بمطاردتها التي اتخذت شكلًا آخر طالبًا منها التنازل عن جميع القضايا، بما فيهن قضية الشروع في قتلها لكنها رفضت. وفي يوم من أيام الشهر الفضيل وعلى مرأى ومسمع من ابنتها الصغيرة التي كانت بصحبتها في مركبتها استطاع بقوته الذئبية أن يقتلها وبجرأة تخلو من الإنسانية أوصلها للمستشفى، وفي وقت وجيز فارقت فرح الحياة.
من أجل فرح انتفض الشارع الكويتي اعتراضًا وخاصة النساء اللاتي طالبن بفرض حماية القانون لهن وتجريم الجاني بحق فرح. انبرت جميع الأقلام تكتب عن فرح المغدورة وتسطّر قصتها بألم شديد. بكاها الجميع بدموع والدتها المنكوبة، بدهشة تلك الطفلة المسكينة التي شهدت مصرع والدتها بعينيها البريئتين، كيف لذلك المشهد المؤلم أن يُمحى من ذاكرتها؟! المشاهد المفجِعة لوالدة فرح أثارت حزن الشارع الكويتي في منطقة صباح السالم وسجلت حضورًا نسائيًا كبيرًا لاحتواء العائلة والدفاع عن المرأة بشكل عام، لقد أحيت قضية فرح ذكريات نساء أخريات تعرضن لنفس المأساة.
إن أي مجتمع إنساني يرفض النزعة العدوانية التي تشهد تطورًا فتختفي وتظهر فجأة بشكل مُفزع، يتصدرها أفرادٌ حملوا في جيناتهم الوراثية الميل للعنف والوصول للحاجة بإحداث جريمة في حق الأخيار من الناس كالجريمة البشعة التي ذهب ضحيتها امرأة في مقتبل الحياة. وإذا أردتَ وصفًا لهذه الجريمة سوف أصفها بالجريمة المركّبة التي اتسعت آثامها كأذرع أخطبوط؛ تعدّى على حرمة شهر رمضان وأباح سفك الدماء المؤمنة وأفزع الطفلة البريئة. ومهما يكن من شيء فلابد أن تأخذ العدالة مجراها في تجريم القاتل، ولن تنطلي الحجج الواهية، والذرائع الساذجة التي يمكن أن يضعها البعض لتكوين سيناريو فاشل يبرر إستراتيجية مهمة القاتل التي قام بها من أجل إِنْفاذ رغبته فقط.
إننا نستطيع القول بأن كلّ دمعة ذُرفت من أجل فرح أكبر هي قصيدة خرجت من القلب وما الشعر إلا شقيق الحزن، وما القلب سوى ينبوع يفيض ألمًا في هذه المشاهد المؤلمة التي تناثرت هنا وهناك. والسؤال هنا: هل يجب أن يُتلى قانون حماية المرأة في كلّ ساعة حتى نُجنبها قطّاع الطرق والقراصنة الذين ينتهكون ضعفها؟ بيد أنّ قليلًا من التأمل يشعرنا بحاجة المرأة لقضاء وقت كافٍ في أحد الأندية الرياضية بدافع تنمية مهاراتها القتالية، لعلها تُجدي نفعًا في حالة الدفاع عن نفسها في زمن تبرز فيه القوة ويُغيب قرار العقل.