مقدمة:
أنا لست فقيهاً ولستُ مُشَرِّعاً ولست قانونياً، بل إنسان عادي بسيط جداً لا أبحثُ عن شهرةٍ هنا وهناك، ولست باحثاً عن هالةٍ تقربني من هذا أو ذاك، بل أستوحي ما أكتبه من قراءتي المتواضعة للحياة وما أرى وأسمع وأقرأ في جميع مخرجات الثقافة المتاحة مما وقع في يدي، من كتب مختلفة التوجهات، ومن تلفاز ومذياع وصحف ومواقع تواصل اجتماعية وغير ذلك.
لكل مجتمع من المجتمعات الإنسانية أرضية ثقافية، بعضها مستوحاة من موروثات وعادات وتقاليد وإرث اجتماعي، والبعض الآخر نابع من اجتهادات شخصية مجتمعية، قد يكون لها ثقل اجتماعي، والبعض ينبع من عقيدة ونهج وأيدولوجية نابعة من الكتب السماوية كالقرآن الكريم والسنة النبوية، ومن مؤلفات تاريخية تخص كل مجتمع.
المرأة مكانتها الإنسانية في المجتمعات، ومساحة حركتها في المجتمع، وحقوقها الإنسانية موضوع لطالما أَرَّقَّ كثيراً من أبناء المجتمع.
للمرأة مكانتها الأساسية الإنسانية في المجتمعات، حيث إنها اللبنة الأساس من هذه المجتمعات لما تشكل من مكانة مرموقة كأم مربية للأجيال، متحملة في ذلك مختلف المعاناة والتعب.
المرأة منذ الخليقة مرت بمراحل كثيرة، من عهد أبينا آدم عليه السلام إلى عصرنا الحاضر، في كل مرحلة من هذه المراحل تأثرت مكانتها بما أحاط بها من ثقافات متعددة، متوافقة أحياناً وأخرى متباينة.
هذه نتيجة طبيعية لاختلاف وتباين الخلفيات الثقافية والعادات والتقاليد والموروثات المجتمعية.
باستقراء لتاريخ المرأة عبر العصور، نرى أن مكانتها وحقوقها خضعت لثقافات متنوعة، في حُقَب تاريخية مختلفة.
فيما قبل التاريخ لا تتوفر معلومات عن علاقة الرجل والمرأة ونظرة المجتمع آنذاك لها.
في الحضارة الفرعونية، كان للمرأة حقوق كثيرة، أحسبها من أفضل الحقبات التاريخية التي أُنصفت فيها المرأة، لكن وقع عليها الظلم فيما يسمى ظاهرة عروس النيل، والتي يلقى فيها بأجملهن في نهر النيل ظناً منهم أنه بهذا سيفيض ويعم النماء.
أما عند الإغريق، فلقد كانت المرأة تسمى رجساً من عمل الشيطان، تباع وتشترى في الأسواق، ولا تتمتع بالحقوق الإنسانية، ولا ترث، وليس لها الحق في التصرف في المال.
المرأة عند الرومان، عبارة عن متاع وسلعةً رخيصة يتملكها الرجل، وله حرية التصرف فيها كيفما شاء ورغب، كما أن الرجل كان يعتبرها شرَّاً يجب اجتنابه، هي فقط خُلِقَتْ للمتعة، خاضعة له كأب وكزوج، لهما التصرف في إبقائها حيةً أو ميتةً، الأب يزوجها ممن أراد وتصبح مملوكة لزوجها بعد الزواج.
كان الطلاق منتشراً ولأتفه الأسباب، وضعوا على فمها قفلاً لمنعها من الكلام، اعتبروها أمةً شرعيةً لرب الأسرة، يتصرف فيها كما يتصرف في عبيده.
شرعوا قانوناً يعتبر أن المرأة بلا نفس أو خلود، لن ترث الحياة الآخرة، كما أنها رجس من المحتم والواجب عليها عدم أكل اللحم وعدم الضحك، والصمت، ومن واجباتها إمضاء كل وقتها في الطاعة والخدمة.
كانوا يسكبون الزيت الحار على جسدها، يربطونها بذيول الخيول، ثم يجرونها بأقصى سرعة، كما يربطون الشقيات بالأعمدة، ويصبون الزيت الحار والنار على أبدانهن.
وكانت المرأة الواحدة تتزوج رجلاً بعد آخر، فكما ذكر القديس جروم، عن امرأة تزوجت في المرة الأخيرة الثالث والعشرين من أزواجها، وكانت هي أيضاً الزوجة الحادية والعشرين لبعلها.
أما المرأة قبل الإسلام، فكان الآباء يئِدونها خوفاً من العار، ويغضبون ما إن يبشروا بمولودة.
أرى أنه على المرأة أن تفرق بين ما هو من صلب الدين من شرائع للمحافظة على حقوقها و بين ممارسات بعض الرجال تجاهها ما يؤدي لظلمها.
هنالك أزمة مفاهيم نعاني منها جميعاً رجالاً ونساءً تحتاج لشرح وافٍ وشجاع من رجالات الدين والمشرعين، وذلك بالتصدي لكل ما يجحف بحقوق الجميع ويوقع الظلم علينا.