في يوم أمس – الاثنين – الرابع والعشرين من شهر رجب لعام 1442هـ، والمصادف لليوم الثامن من شهر مارس / آذار الجاري، احتفى العالم بالمرأة، كعادته في كل عام.
أما الشعار الذي رفعه المنظمون لهذا العام 2021 فهو: “اختاري أن تتحدي”.
ويهدف هذا اليوم بالتحديد إلى التوعية الاجتماعية بِمُنَاضَلة المرأة عالمياً، وقدرتها على تحدي الصعاب.
وفي إحياء هذا اليوم دلالة على التقدير والاحترام والحب للمرأة.
بالعودة إلى ديننا الإسلامي دين الرحمة والإنسانية، والعدل والمساواة نجد أنه كرم المرأة ورفع قدرها، ومنحها مكانة عالية تليق بإنسانيتها ؛ أنصفها وأعطاها حقوقها، وبين الدور المهم المنوط بها كأم وزوجة وأخت وابنة.
روي عن نبي الرحمة محمد – صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله – قوله: “ألا واسْتَوصُوا بالنساءِ خيرا، فإنما هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ”.
وآيات التكريم والذكر للمرأة في كتاب الله المنزل عديدة، منها قوله جلَّ جلاله: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ ) [البقرة : ٢٢٨].
ولإيمان الدولة بهذا التكريم الإلهي؛ كفلت لها هذه الحقوق ومكنتها في كل المجالات.
لماذا وضعت رؤية المملكة 2030 المرأة السعودية في دائرة الاهتمام؟ تم ذلك باعتبارها رافداً مهماً من الروافد التي يرتكز عليها نجاح الرؤية.
لذا حازت المرأة – باستحقاق – على اهتمام وثقة القيادة الرشيدة؛ لإيمانها بأنها أكبر مساهم في استقرار وبناء المجتمع، وهي قادرة على المشاركة في تنمية وبناء الوطن؛ إن أُعطيت الفرصة.
وتفاعلت المرأة بقوة ومثابرة مستمرة للوصول إلى تحقيق تلك الرؤية؛ من خلال ما أتيح لها من إمكانيات وفرص مواتية.
وفي ظل الأزمة الحالية – أزمة فيروس كورنا المستجد “كوفيد 19” – التي أحدثت تغييراً في كل مناحي الحياة، وعُدت شكلاً من أشكال الكوارث التي لحقت بالأرض منذ نشأتها؛ تواصل المملكة إدارة الأزمة بنجاح وتزيح عن طريقها كل عائق يثنيها عن تحقيق أهداف رؤيتها، وتقدم الدعم اللا محدود للمرأة التي تُعد جزءاً أساسياً لا يتجزأ من منظومة بناء الوطن؛ إذ أصدرت في صالحها قرارات متوالية، ومبادرات مهمة ودعماً كبيراً؛ لتقوم بدورها كما يجب وكما تريد بنجاح، جنباً إلى جنب مع نظيرها الرجل.
قمة النجاح تتسع للجميع للرجل والمرأة على السواء، ولا سقف ينتهي عنده الطموح، والهمة وسيلة كبرى من وسائل الصعود إلى تلك القمة.
ومما لا شك فيه أن مستقبل أي مجتمع يقوم على الشراكة بين الطرفين.
المرأة تعي أن النجاح محض إرادة، وحاجتها إلى تحقيقه تتمثل في الدعم الأسري والمجتمعي؛ لتبدع وتستمر في نجاحاتها بعزيمة قوية.
أردف ذلك بمقولة أراها مناسبة في هذا السياق: وراء كل امرأة ناجحة.. نفسها.
وإذا تلقت الدعم الدائم والمنصف في حياتها وعملها؛ استمرت في تقدمها.
تحديات ومعوقات كثيرة واجهتها المرأة السعودية خلال عقود من الزمن، لكنها تغلبت عليها بقوة الإرادة والعزيمة والإصرار، وأصبحت شريكاً فعلياً مساهماً في التنمية وفي صناعة المستقبل.
في خلال السنوات القليلة الأخيرة وعلى جميع الأصعدة وفي كل المجالات – التربوية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية – مكاسب عظيمة حققتها المرأة تضاف إلى إنجازاتها في سنوات سابقة؛ ومناصب عديدة تبوأتها وأثبتت فيها جدارتها، متسلحة بالعلم، مع الاستفادة مما اكتسبته من علوم الآخرين وتجاربهم.
مكاسب جديرة بالفخر والاعتزاز والامتنان، لا يسع المجال هنا لذكرها وتعدادها؛ لأنها لا تخفى على المطلع.
الحس الوطني راسخ في أعماقها، ويظهر جلياً في إظهار حبها لوطنها من خلال تمثيله خير تمثيل، ومن خلال تحقيق الإنجازات المشرفة له، فهي على يقين أنه يستحق الحب.
أضحى تمكينها كمثل شجرٍ غُرِس وثُبِت في الأرض، وتعهده راعيه بالسقيا والاهتمام ؛ فأزهرَ، وأنتجَ بوفرة أَيْنَعَ الثمار وأطيبها!
وها هي الآن – نراها رغم الظروف العصيبة – تواصل إنجازاتها الرائعة والعظيمة بخطى واثقة، تستشرف المستقبل، وتتطلع إليه بتفاؤل كبير.
الجائحة ستزول – بإذن الله – وسيبقى كل إنجاز وإبداع تحقق على أرض الواقع بمساهمة كبيرة من الكفاءات الوطنية المتميزة والطاقات الخلاقة، والمواهب النسائية العظيمة.
وأجدها فرصة أن أوجه تحية إجلال وتقدير لكل من لعبت دوراً محورياً – من الكوادر الصحية – للتصدي لتداعيات الأزمة منذ بدء ظهورها، وكانت في خط الدفاع الأول لمواجهة الجائحة.
وألف تحية لكل أم مخلصة ومتفانية أعطت بلا حدود داخل المنزل وخارجه، ولكل من استطاعت – بعد جهد – تحقيق الموازنة بين أسرتها وعملها، ومن تعاملت بنجاح مع الجائحة، واستطاعت مساعدة أبنائها؛ بتعلمها كيفية التعامل مع العالم الرقمي، الذي شكل قدراً كبيراً من الأهمية في دراستهم عن بُعْد، والحفاظ على صحتهم.
ولكل امرأة مناضلة دافعت عن حقها في الحياة، وتصدت بقول: لا، لمن يمارس العنف والتنمر ضدها.
“مَنْ لم يجد للإساءة مَضَضَاً، لم يَكُنْ للإحسان عنده مَوقِعٌ”، حكمة من حكم كاظم الغيظ (الإمام موسى الكاظم) عليه السلام.
والمرأةُ المَضَّةُ في اللغة: هي التي لا تحتمل ما يسوءها.
أعود وأقول: لأولئك، ولكل فتاة مبدعة في مجالها، وكل مُلهِمة ارتأت أن تكون مُنْتِجة بدلا من أن تكون مجرد مُسْتَهلِكة فقط، وتعبت على نفسها وتحدت الصعاب وحققت حلمها في ظل الالتزام، والتمسك بالمبادئ والقيم، في وطني، وفي العالم أجمع، أقول للجميع: كل عام وأنتن بخيرٍ وصحةٍ، وسلامةٍ، وتميزٍ، وسعادةٍ.