بين يوم وآخر تردنا أخبار عن اختراق وانتحال حسابات عديدة، سواء في فيسبوك أو إنستجرام أو الواتساب، وندهش لتكرار عمليات الانتحال والاختراق، رغم التنبيهات المستمرة بأخذ الحيطة والحذر.
عمليات قذرة تتعاظم وتتوسع على مستوى العالم، وبحسب ما جاء في الموسوعة الحرة “ويكيبيديا” عن حادثة اختراق ضخمة، حيث: “تعرض موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك في يوم 25 سبتمبر عام 2018 لاختراق من قبل قراصنة أدى إلى سرقة معلومات 50 مليون حساب”!
يا له من رقم مهول وحدث مفزع، كيف حدث ذلك؟
تتعدد التفسيرات، وتتشابك الأسئلة، هل تقف وراء هذه القرصنة عصابات، أم منظمات إرهابية، أم أيدٍ خفية، معلوم بأن وراءها هكر محترف، ما ينفك إلا ويفاجئ الجميع بعمليات اختراقات مستحدثة، وذلك عبر برمجيات خاصة أو من خلال ثغرات تقنية أي خلل في تصنيع بعض الأجهزة.
بالنسبة لبرنامج “الواتساب”، يتم اختراقه عبر روابط معينة ترد كرسالة نصية أو حتى عادية، ضمن طلب ما، أو إعلان لشيء معين، أو تسويق بضاعة أو منتج ما، وأحياناً طلب الانضمام إلى جروب جديد، وهنا يؤخذ الأمر عند البعض بحسن نية، ويطاح بالمستهدف بحيلة لم تكن في الحسبان.
قبل بضعة أيام وردتني رسالتان هامتان من أحد الإخوة الكرام، وهو متقاعد مثلي، ينبهني فيهما ضمنياً لأخذ الحيطة والحذر، وذلك عبر رسالتين وصلتاه عن طريق آخرين وبعثهما لي حالاً، الأولى نصية والثانية صوتية وكلاهما مرتبطتان ببعض، فحواهما بأن أحد الأشخاص يشكو حاله بسبب شرك وقع فيه من خلال رسالة نصية وصلت إليه عبر جواله، مفادها: “عزيزي المشترك # بياناتك – الوظيفية – موثقة، بادر بالاطلاع عليها واستكشف خدماتنا الموجهة للمشتركين”، مع وجود رابط في أسفل الرسالة.
وهو الكمين الذي وقع فيه صاحب الرسالة الصوتية، والتي يقول فيها محذراً الآخرين، وقد نقلت كلامه حرفياً حسب لهجته دون تغيير باستثناء حذف اسم البنك الذي يتعامل معه: “انتبهوا من ذي الرسالة يالربع، الله يسلط عليهم، والله أنها جتني، وفتحتها أحسب أنها حقت التقاعد، من مؤسسة التقاعد، أجي ادور بالجوال ذالحين لحسابات حق بنك.، ذي ما عاد هي موجودة، والله اني ما أعلم فين راحت، قيد جوالي فاضي”.
مجرمون يأتون على حين غفلة، باستدراج الأفراد الذين يتعاملون مع دوائر رسمية أو مؤسسات خاصة أو عامة، وكأن الأمر طبيعي، حينها يؤخذ الغافل في لحظة سهو بعدم التحقق من جانبه فيطاح به اختراقاً.
وعلى هذا المنوال تتوارد كل يوم اختراقات موقعة الضحايا في فخاخ منصوبة، جراء خداع وألاعيب غير متوقعة.
كم من النداءات التي ترسل للجميع بعدم فتح أي روابط مشبوهة، لئلا يقع ما لا يحمد عقباه.
أخبار تتوالى منذ القدم بأن البشرية عرفت قطاع طرق البر وقراصنة البحر، أما اليوم غزا الناس سراق الفضاء ويطلق على عملياتهم “القرصنة الرقمية”، وقد زادت أعدادهم كأنهم جراد منتشر.
هدف هؤلاء سرقة أموال الناس، وأيضاً عمليات ابتزاز أخرى، يتم ذلك بطرق ملتوية، وللأسف يقع من يقع فريسة لهذه الحيل الخبيثة.
ووسط طوفان هذا الضجيج، ينأى العاقل الذي يتعظ بغيره، وإن كان الأمر بات مكشوفاً للعيان، لكن الحذر كل الحذر من الخبثاء الذين لا يستكينون، يبتكرون أنماطاً جديدة للاختراقات، تارة بطرق مألوفة وأخرى لا ترد في الحسبان.
كفانا الله شرورهم، وجعل كيدهم في نحورهم وجنبنا إجرامهم.