إن مسؤولية الكلمة مسؤولية عظيمة فبكلمة تبعث السلام وتجمع الكلمة، وبكلمة تؤجج الحروب وتدمر وتفرق مجتمعات على إثرها ولذلك فأي كلمة أو بحث أو مقال لا بد فيها من مراعاة الحق والحقيقة ولابد فيه من الموضوعية والإحاطة من جميع الجوانب لأن العلم الناقص يفسد أكثر مما يصلح.
لاشك أن التوازن أمر مطلوب فبعض الأمور لا تنفك بعضها فكل يحتاج إلى الآخر والقول برد الروايات التي تنبئ عن إمكانية تكفير ذنوب العصاة من المؤمنين وإنقاذهم والتكفير عنهم بابتلاء كمرض وغير ذلك من الابتلاءات أنه معارض بالقرآن الكريم وأن ذلك يشجع على العصيان غير صحيح، نعم القرآن وكذلك الروايات ترشد وتحث على الإيمان والعمل الصالح لكن ليس معنى ذلك أن تدركه الرحمة قبل الموت وبعده فإنه ليس فيه معارضة بذلك ولا منافاة بين تلك وهذه. فتلك تقول اعمل وإلا تأخذ عقوبتك وهذه تقول إذا لم يعمل يعاقب في الدنيا بمرض ونحوه ويدخل بعد العقوبة الجنة ولو من باب تخفيف العقوبة بجعلها في الدنيا بدلًا من عقوبة الآخرة فأي تنافٍ بين تلك الأدلة وهذه حتى ترد وتطرح.
على أن الشفاعة وهي المقام المحمود وصاحبها رسول الله صلى الله عليه وآله التي هي داخلة ضمن المقام المحمود وقول الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله ولسوف يعطيك ربك فترضى والتي هي أرجى شيء في القرآن الكريم كما هو عن الصادق عليه السلام خلافًا لأهل السنة أن أرجى شيء في القرآن قوله تعالى {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} على أن الشفاعة أمرها ممكن حتى لا يتكل الإنسان المؤمن عليها ولا بد من شرط دخول الجنة الموافاة على الإيمان وسميت العقائد عقائد لأنها يعقد عليها القلب ولو أن الإنسان المؤمن يحرز من نفسه أن يموت على الإيمان مع بقائه على الذنوب وإصراره عليها فيمكن أن يشكل ذلك مع أن الذي يستبعد تلك الروايات التي تبشر كالشفاعة وغيرها موجودة وأجاب عنها مكتب السيد السيستاني – دام ظله – في جواب عن سؤال وجه إليه وعرض روايات كثيرة تدلل على ذلك عن إمكانية ذلك وهي تدرك الإنسان المؤمن المذنب الرحمة قبل الموت وبعده مع أن الذي خصص واعتمد على روايات دون غيرها لا معنى له لأنه قبل من جهة ويرد من جهة. والحمد لله رب العالمين.