يعيش الشاب فهد خليل الحايكي وعائلته لأمه حيرةً أمام مصير مستقبله المجهول، وما تخبئه له الأيام القادمة، ما لم يجد حلًا لمشكلته التي وقع فيها دون ذنب اقترفه أو حتى رغبة منه، فلا هو اختار هويته ولا موطنه ولا جنسية والده أو حتى مكان سكن والدته ومسقط رأسه، فبعد رحلة 32 عامًا من عمره، ها هو يقف اليوم دون إثبات على أنه عاش ذلك العمر حقًا، أو أنه كاسم موجود فعلًا.
بداية قبل مولده
بدأت قصة “فهد”، قبل أعوام من ولادته، حين شاء القدر والنصيب أن ترتبط والدته -السعودية- برجل خليجي، جاءها خاطبًا ولم يكن هناك ما يمنع ذلك الزواج، فأبناء الخليج جميعهم أخوة، والرجل كما بدا لأهلها لا عيب فيه، وتم الزواج واقترنت السيدة هاشمية السادة بخليل إبراهيم الحايكي، ومضت سنوات على زواجها أنجبت فيها ابنة، ثم أنجبت ابنها فهد.
هروب مفاجئ
مرت الأيام على السيدة هاشمية وهي لا تعرف ماذا يخبئ لها القدر من مفاجآت، حتى فاجأها زوجها ذات يوم باختفائه، بعد أن أخذ معه جميع الوثائق بما فيها عقد الزواج وكل ما له صلة بالأبناء، واختفى تمامًا تاركًا في عهدتها ابنًا في الثانية من عمره وابنة في الرابعة ومصيرًا مجهولًا لها أولًا، ولهما ثانيًا بنصيب أكبر، فكيف سيعيشان دون ما يثبت أنهما موجودان أصلًا!.
أخبار مبهمة.. وقضية ممتدة
يقول السيد محمد السادة -أخو السيدة هاشمية-: “تفاجأنا كما تفاجأت أختي باختفاء خليل تمامًا، دون سبب يذكر، أو أخبار تعلل غيابه، غير أن البعض رجّح لنا أن وراء ذلك الغياب مطالبات مالية كبيرة جدًا حيث كان يعمل مقاولًا، كما أن هناك أخبارًا تداولها البعض لدينا عن أنه لا يزال على قيد الحياة، لكن ليس في السعودية ولا في الدولة التي ينتمي لها”.
مساندة
لم تقف عائلة الأم المنحدرة من مدينة سيهات، مكتوفة اليدين تجاه حال أختهم وطفليها، حيث تم رفع قضية، وأبلغوا الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية والدولة الخليجية التي ينتمي لها الأب بالأمر، وهناك قضية لا تزال قائمة حتى اليوم.
ويمضي السادة في حديثه لـ«القطيف اليوم» قائلًا: “توجهنا للجهات المختصة في المملكة، والحمد لله بفضل تعاون حكومتنا الرشيدة معنا، أصبح لدى طفلي أختنا شهادتي ميلاد، والتحقا بالمدرسة حتى الصف السادس الابتدائي”.
ويضيف: “بعدها بدأت المشكلة لعدم وجود هويات وطنية لديهما، ورغم ذلك فإن الجهات الرسمية هنا تعاونت معنا، وتفهمت وضعهما بشكل كبير، كونهما ابني مواطنة سعودية، وسعت لتقديم جميع ما يمكن تقديمه لهما وفق الأنظمة”.
أخوة غير أشقاء
وكشف السادة، عن أن الوالد المختفي كان متزوجًا في بلده الأم، وله أبناء، وقد تم التواصل معهم، وتبين أنهم أيضًا تفاجأوا باختفاء أبيهم في ظروف غامضة، ولا يعلمون شيئًا عن مكانه.
وأضاف قائلًا: “ربما هم تجاوزا خبر اختفائه أكثر من تجاوزنا، فهو في وجهة نظرهم أصبح في عداد الموتى سيما بعد مرور أكثر من 3 عقود على اختفائه.
حياة جديدة بلا هوية
تزوجت الابنة هنا في وطن والدتها التي لم تعرف هي أيضًا وطنًا غيره، فهي منذ ولادتها لم تتنفس غير هوائه، ولم تطأ قدمها أرضًا غير أرضه، الابنة أصبحت أمًا، وحمل أطفالها الجنسية السعودية كوالدهم، لكنها بقيت دون جنسية، بحكم أن والدها المختفي غير سعودي، ولا يمكن الوصول إليه لا هنا ولا في دولته، ورغم ذلك يبقى حالها أفضل بقليل مقارنةً بحال أخيها، سيما بعد أن فقد أمه قبل ثلاثة أعوام.
حبيس.. والعلاج في الصيدلية
يقول خاله محمد: “ربما يتخيل الجميع كيف هو وضع شاب ثلاثيني لم يكمل تعليمه في هذا الزمن، وقد يتأثر كثيرون حين يعرفون أنه يمشي بين أهله بلا هوية تسنده، رغم ذلك لا يتوجع لحاله أحد كما نتوجع نحن عائلته، يكفي أن أخبركم أنه حال تعرضه لوعكة صحية كانت في السابق طريقة علاجه الوحيدة هي الأوراق التي حصل عليها سابقًا من الجهات المختصة، أما اليوم بعد تقدم عمره وعمر تلك الأوراق فلا سبيل لعلاجه حين مرضه لا قدر الله غير الصيدلية، ثم أنه لا يخفى عليكم أن من عاش ظروفه لابد أن يعيش حبيس منزله وإن كان حرًا”.
آمال تنتظر الفرج
بعد مشوار الثلاثين عامًا، والآمال المعقودة على القضية المرفوعة في الدولة التي ينتمي لها الأب، يصطدم الأمل بقرارات تعيق تحقيقه، إلا أن الثقة بالله رب العالمين، تجعل ذلك الأمل يقاوم ليبقى صامدًا، لعل فهد بعد حين يحظى بهوية تجعله يواجه مستقبله بلا خوف.
يقول الخال إنهم يأملون حاليًا في الوصول لطريقة نظامية تمكن فهد من الوصول للدولة التي ينتمي إليها أبوه، أو كفالته حتى انتهاء القضية المرفوعة هناك، لحصوله على الجنسية من مسقط رأس أبيه، حيث إن العائق الحالي هو أن القضية وصلت إلى طلب حضور فهد شخصيًا بينما هو لا يملك أي وثيقة تمكنه من السفر.